كتاب البداية والنهاية ط الفكر (اسم الجزء: 6)

يعنى- وَإِنَّكَ لَعَلَى دِينٍ عَظِيمٍ- وَهُوَ الْإِسْلَامُ وَهَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَابْنُ مَالِكٍ وَالسُّدِّيُّ وَالضَّحَّاكُ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَقَالَ عَطِيَّةُ: لَعَلَى أَدَبٍ عَظِيمٍ وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ: سَأَلْتُ عائشة أم المؤمنين فَقُلْتُ: أَخْبِرِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: أَمَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قُلْتُ: بَلَى، فَقَالَتْ: كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قال: وسئلت عائشة عن خلق رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ وَرَوَى الامام أحمد عن عبد الرحمن ابن مَهْدِيٍّ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِهِ، وَابْنِ جَرِيرٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ كِلَاهُمَا عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ: حَجَجْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَسَأَلْتُهَا عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ وَمَعْنَى هَذَا أنه عليه السلام مَهْمَا أَمَرَهُ بِهِ الْقُرْآنُ امْتَثَلَهُ، وَمَهْمَا نَهَاهُ عنه تركه. هذا مَا جَبَلَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَخْلَاقِ الْجِبِلِيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ البشر ولا يكون على أجمل مِنْهَا، وَشَرَعَ لَهُ الدِّينَ الْعَظِيمَ الَّذِي لَمْ يَشْرَعْهُ لِأَحَدٍ قَبْلَهُ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ خَاتَمُ النبيين فلا رسول بعده ولا نبي صلّى الله عليه وسلم، فَكَانَ فِيهِ مِنَ الْحَيَاءِ وَالْكَرَمِ وَالشَّجَاعَةِ وَالْحِلْمِ وَالصَّفْحِ وَالرَّحْمَةِ وَسَائِرِ الْأَخْلَاقِ الْكَامِلَةِ مَا لَا يُحَدُّ وَلَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سفيان: ثنا سليمان، ثنا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى ثَنَا زيد بن واقد عَنْ بِشْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ خلق رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ يَرْضَى لِرِضَاهُ وَيَسْخَطُ لِسُخْطِهِ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الْفَقِيهُ بِبُخَارَى، أَنَا قَيْسُ بْنُ أُنَيْفٍ، ثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي عمران عن زيد بْنِ؟ بَابَنُوسَ [1] قَالَ: قُلْنَا لِعَائِشَةَ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ كَيْفَ كَانَ خُلُقُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: كَانَ خُلُقُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [2] ثُمَّ قالت أتقرأ سورة المؤمنون اقرأ قد أفلح المؤمنون إِلَى الْعَشْرِ قَالَتْ: هَكَذَا كَانَ خُلُقُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: «خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ» 7: 199. قَالَ: أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْخُذَ الْعَفْوَ مِنْ أَخْلَاقِ النَّاسِ وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إنما بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ» تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ. وَرَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْخَرَائِطِيُّ فِي كِتَابِهِ فقال:
وإنما بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ وَتَقَدَّمَ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا، وَأَحْسَنَ الناس خلقا وقال مالك عن الزهري
__________
[1] كذا
[2] كذا وفيه سقط لعله كلمة «القرآن» .

الصفحة 35