كتاب البداية والنهاية ط الفكر (اسم الجزء: 6)
فَصْلٌ فِيمَا كَانَ مِنَ الْحَوَادِثِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ
فِيهَا أَمَرَ الصِّدِّيقُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ أن يجمع القرآن من اللحاف وَالْعُسُبِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ، وَذَلِكَ بَعْدَ مَا اسْتَحَرَّ الْقَتْلُ فِي الْقُرَّاءِ يَوْمَ الْيَمَامَةِ كَمَا ثَبَتَ بِهِ الْحَدِيثُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، وَفِيهَا تَزَوَّجَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِأُمَامَةَ بِنْتِ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ مِنْ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ الْأُمَوِيِّ، وَقَدْ تُوُفِّيَ أَبُوهَا فِي هَذَا الْعَامِ، وَهَذِهِ هِيَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْمِلُهَا فِي الصَّلَاةِ فَيَضَعُهَا إِذَا سَجَدَ وَيَرْفَعُهَا إِذَا قَامَ. وَفِيهَا تَزَوَّجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَاتِكَةُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، وَهِيَ ابْنَةُ عَمِّهِ، وَكَانَ لَهَا مُحِبًّا وَبِهَا مُعْجَبًا، وَكَانَ لَا يَمْنَعُهَا مِنَ الْخُرُوجِ إِلَى الصَّلَاةِ وَيَكْرَهُ خُرُوجَهَا، فَجَلَسَ لَهَا ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي الطَّرِيقِ فِي ظُلْمَةٍ فَلَمَّا مَرَّتْ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى عَجُزِهَا، فَرَجَعَتْ إِلَى مَنْزِلِهَا وَلَمْ تَخْرُجْ بَعْدَ ذلك، وقد كانت قبله تحت زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، فِيمَا قِيلَ، فَقُتِلَ عَنْهَا، وكانت قبل زيد تحت عبد الله ابن أَبِي بَكْرٍ فَقُتِلَ عَنْهَا، وَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ تَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ الزُّبَيْرُ، فَلَمَّا قُتِلَ خَطَبَهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَتْ:
إِنِّي أَرْغَبُ بِكَ عن الموت، وامتنعت عن التزوج حَتَّى مَاتَتْ، وَفِيهَا اشْتَرَى عُمَرُ مَوْلَاهُ أَسْلَمَ ثُمَّ صَارَ مِنْهُ أَنْ كَانَ أَحَدَ سَادَاتِ التَّابِعِينَ، وَابْنُهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ أَحَدُ الثِّقَاتِ الرُّفَعَاءِ. وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ. رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ مَوْلَى الْحُرَقَةِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَهْمٍ، عَنْ أَبِي مَاجِدَةَ، قَالَ: حَجَّ بِنَا أَبُو بَكْرٍ فِي خِلَافَتِهِ سَنَةَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ، فَذَكَرَ حَدِيثًا فِي الْقِصَاصِ مِنْ قَطْعِ الْأُذُنِ، وَأَنَّ عُمَرَ حَكَمَ فِي ذَلِكَ بِأَمْرِ الصِّدِّيقِ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ لَمْ يَحُجَّ أَبُو بَكْرٍ فِي خِلَافَتِهِ، وَإِنَّهُ بَعَثَ عَلَى الْمَوْسِمِ سَنَةَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، أَوْ عَبْدَ الرحمن بن عوف.
فَصْلٌ فِيمَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ
قَدْ قِيلَ إِنَّ وَقْعَةَ الْيَمَامَةِ وَمَا بَعْدَهَا كَانَتْ في سنة ثنتى عشرة، فليذكر هاهنا مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ مَنْ قُتِلَ بِالْيَمَامَةِ وَمَا بَعْدَهَا، وَلَكِنَّ الْمَشْهُورَ ما ذكرناه.
بَشِيرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْخَزْرَجِيُّ
وَالِدُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، شَهِدَ الْعَقَبَةَ الثَّانِيَةَ، وَبَدْرًا وَمَا بَعْدَهَا، وَيُقَالُ إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ بَايَعَ الصِّدِّيقَ يَوْمَ السَّقِيفَةِ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَشَهِدَ مَعَ خَالِدٍ حُرُوبَهُ إِلَى أَنْ قُتِلَ بِعَيْنِ التَّمْرِ رَضِيَ الله عنه. وروى لَهُ النَّسَائِيُّ حَدِيثَ النُّحْلِ. وَالصَّعْبُ بْنُ جَثَّامَةَ الليثي أخو محكم بْنِ جَثَّامَةَ لَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثُ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هاجر وكان نزل وَدَّانَ وَمَاتَ فِي خِلَافَةِ الصِّدِّيقِ.
أَبُو مَرْثَدٍ الغنوي
واسمه معاذ بْنُ الْحُصَيْنِ وَيُقَالُ ابْنُ حُصَيْنِ بْنِ يَرْبُوعِ بْنِ عَمْرِو بْنِ يَرْبُوعِ بْنِ خَرَشَةَ بْنِ سعد بن طريف بن خيلان بْنِ غَنْمِ بْنِ غَنِيِّ بْنِ أَعْصُرَ بْنِ سَعْدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ غيلان بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارٍ أَبُو مَرْثَدٍ
الصفحة 353
362