والمراد بها في الآية الاغتيال والغلبة والقتال [والتعرض مما] (¬1) يكره، وليست المخافة شرطًا لجواز القصر للإجماع على جوازه (¬2) مع (¬3) الأمن، وإنما ذكر الخوف في الآية؛ لأن غالب أسفارهم يومئذٍ كانت مخوفة لكثرة العدو بأرضهم، وكونهم محدقين بهم من كل جهة، فأينما توجهوا واجههم العدو ({الَّذِينَ كَفَرُوا}) (¬4).
(فقد ذهب ذلك اليوم) بالنصب. أي: ذهب الخوف في هذا اليوم (¬5)، فيه أن المفضول إذا رأى (¬6) الفاضل (¬7) يعمل شيئًا يشكل عليه [دليله يسأله] (¬8) عنه. (فقال: عجبت مما عجبت منه) العجب من الشيء هو استغرابه وخروجه عن أمثاله من الأمور المألوفة، وحقيقة الأمر الذي يخفى سببه [ولا يعرف كيف حدوثه، هذا هو الأصل، وأمر عجيب وعجاب، وقد تعجب من القصر؛ لأنه خفي عليه سببه] (¬9) إذا كان قد علم أن سبب القصر الخوف من العدو، فلما رآه مستمرًّا مع عدم الخوف أنكره؛ لأن السبب الذي هو حياله قد زال.
(فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال) هو (صدقة تصدق الله بها عليكم) [أي: رخصة؛ لأن الصدقة عفو لا حجر على من أعطيها كأنه كان في
¬__________
(¬1) في (م): أو التعريض لما.
(¬2) "الإجماع" لابن المنذر (62).
(¬3) سقط من (م).
(¬4) النساء: 101.
(¬5) زاد في (ص، س، ل): الخوف. وهي زيادة مقحمة.
(¬6) في (م): أراد.
(¬7) زاد في (م): أن.
(¬8) في (م): دليل سأل. وفي (س، ل): دليل يسأله.
(¬9) من (ل، م).