كتاب الخلافيات بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه ت النحال (اسم الجزء: 6)

ثنا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مِينَاءَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا عَدْوَى وَلَا هَامَةَ (¬1) وَلَا صَفَرَ (¬2)، وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ (¬3) مِنَ الْأَسَدِ". أَوْ قَالَ: "مِنَ الْأَسْوَدِ (¬4) ".
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ فَقَالَ: وَقَالَ عَفَّانُ: ثنا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ، فَذَكَرَهُ (¬5) (¬6).
قَالَ الشَّيْخُ: فَأَمَرَ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ بالتَّبَاعُدِ (¬7) مِنَ الْمَجْذُومِ، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ (¬8) علَى مُصِحٍّ" (¬9). وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: "لَا عَدْوَى" أَرَادَ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي
¬__________
(¬1) الهَامَة: الرأس، واسمُ طائرٍ، وهو المرادُ في الحديث؛ وذلك أنهُم كانوا يَتَشَاءَمُون بها، وهي من طَير الليل. وقيل: هي البُومَة، وقيل: كانت العرب تَزْعُم أن رُوح القتيل الذي لا يُدْرَكُ بِثَأرِهِ تَصِير هامَة، فتَقُول: اسْقُوني، فإذا أُدْرِكَ بِثَأرِه طَارَتْ. وقيل: كانُوا يَزْعُمُون أن عِظام الميت، وقيل: رُوحه، تَصِيرُ هَامةً فتَطِيرُ، ويُسَمُّونه الصَّدَى، فنَفَاه السلامُ ونهاهم عنه. النهاية (هوم).
(¬2) كانت العَرَب تزعُم أن في البَطْن حيَّةً يقال لها: الصَّفَر، تُصِيب الإنسان إذا جَاع وتُؤْذِيه، وأنها تُعْدِي، فأبطَل الإسلامُ ذلك. وقيل: أرادَ به النَّسِيء الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية، وهو تأخير المحرَّم إلى صَفَر، ويجعلون صَفَر هو الشهرَ الحرامَ، فأبطَله. النهاية (صفر).
(¬3) في (م): "كما تفر".
(¬4) الأَسْود: العظيم من الحيات. ويحتمل ضبطها: "الأسود".
(¬5) في (م): "ذكر".
(¬6) صحيح البخاري (7/ 126).
(¬7) في النسخ: "التباعد"، والمثبت من المختصر.
(¬8) في النسخ: "مرض"، والمثبت من المختصر والسنن الكبير (14/ 171). والممرض: مَن ماشيته مرضى، والمصح: من صحَّت ماشيته من الأمراض والعاهات.
(¬9) أخرجه البخاري (7/ 138)، ومسلم (7/ 31).

الصفحة 131