كتاب الخلافيات بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه ت النحال (اسم الجزء: 6)
كَانُوا يَعْتَقِدُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ إِضَافَةِ الْفِعْلِ إِلَى غَيْرِ اللَّهِ تَعَالى، أَلَا تَرَاهُ (¬1) حِينَ عُورِضَ بِالْمُخَالَطَةِ قَالَ: "فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ؟ ". ثُمَّ قَدْ تَكُونُ الْمُخَالَطَةُ سَبَبًا لِلْعَدْوَى بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالى.
وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى هَذَا، فَفِي نِكَاحِ مَنْ بهِ إِحْدَى هَذِهِ الْعُيُوبِ ضَرَرٌ كَبِيرٌ، وَلَا يَكُونُ مَعَ الْجُنُونِ تَأْدِيَةُ حَقٍّ، وَالنِّكَاحُ لِلْأُلْفَةِ وَالْعِشْرَةِ، وَهَذِهِ الْعُيُوبُ مَانِعَةٌ مِنَ الْمَقْصُودِ بِالنِّكَاحِ، فَثَبَتَ الْخِيَارُ بِوُجُودِهَا أَوْ وُجُودِ بَعْضِهَا.
[4171] أخبرنا أَبُو الْحَسَنِ الْعَلَوِيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ النَّيْسَابُورِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، ثنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَخَذَ بِيَدِ مَجْذُومٍ فَوَضَعَهَا مَعَهُ فِي قَصْعَةٍ فَقَالَ: "كُلْ بِاسْمِ اللَّهِ ثِقَةً بِاللَّهِ (¬2) وَتَوَكُّلًا عَلَيْهِ" (¬3).
فَفِيهِ بَيَانُ تَوَهُّمِ لُحُوقِ الضَّرَرِ بِمُخَالَطَتِهِ، لَكِنَّهُ احْتَمَلَهُ ثِقَةً بِاللَّهِ وَتَوَكُّلًا عَلَيْهِ.
* * *
¬__________
(¬1) في (م): "ترى".
(¬2) قوله: "ثقة بالله" ليس في (ع).
(¬3) أخرجه العقيلي في الضعفاء الكبير (4/ 62) عن محمد بن إسماعيل.
الصفحة 132