كتاب الخلافيات بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه ت النحال (اسم الجزء: 6)

فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} (¬1) فَرُدُّوا إِلَى آبَائِهِمْ، فَمَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ أَبٌ كَانَ مَوْلًى وَأَخًا فِي الدِّينِ، فَجَاءَتْ سَهْلَةُ (¬2) بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الْقُرَشِيِّ، ثُمَّ الْعَامِرِيِّ (¬3)، وَهِيَ امْرَأَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ، فَقَالَتْ: يَا رَسولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا نَرَى سَالِمًا وَلَدًا، فَكَانَ يَأْوِي مَعِي وَمَعَ أَبِي حُذَيْفَةَ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ، وَيَرَانِي فُضُلًا (¬4)، وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ - عز وجل - فِيهِمْ (¬5) مَا قَدْ عَلِمْتَ، فَكَيْفَ تَرَى فِيهِ؟ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَرْضِعِيهِ". فَأَرْضَعَتْهُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ، فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ.
فَبِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ - رضي الله عنها - تَأْمُرُ بَنَاتِ أَخَوَاتِهَا وَبَنَاتِ إِخْوَتِهَا؛ أَنْ يُرْضِعْنَ مَنْ أَحَبَّتْ عَائِشَةُ [أَنْ] (¬6) يَرَاهَا وَيَدْخُلَ عَلَيْهَا - وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا - خَمْسَ رَضَعَاتٍ، ثُمَّ يَدْخُلُ عَلَيْهَا. وَأَبَتْ ذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ وَسَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَرَضِيَ عَنْهُنَّ - أَنْ يُدْخِلْنَ عَلَيْهِنَّ بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ، حَتَّى يَرْضَعَ فِي الْمَهْدِ، وَقُلْنَ لِعَائِشَةَ: وَمَا نَدْرِي لَعَلَّهَا كَانَتْ رُخْصَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِسَالِمٍ دُونَ النَّاسِ (¬7).
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ (¬8). وَعَنْ أَبِي الْيَمَانِ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ (¬9).
¬__________
(¬1) سورة الأحزاب (آية: 5).
(¬2) في النسخ: "سهيلة"، والمثبت هنا وحتى نهاية الحديث من أصل الرواية والمختصر والسنن الكبير للمؤلف (16/ 27). وانظر ترجمتها في الطبقات الكبير لابن سعد (10/ 256).
(¬3) في النسخ: "العامرية".
(¬4) أي: متبذلة في ثياب مهنتها.
(¬5) في النسخ: "فثيم".
(¬6) ما بين المعقوفين ليس في النسخ.
(¬7) أخرجه أبو داود في السنن، رواية ابن داسة (ق/ 240).
(¬8) صحيح البخاري (5/ 81).
(¬9) المصدر السابق (7/ 7).

الصفحة 462