كتاب الخلافيات بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه ت النحال (اسم الجزء: 6)

قَالَ: أَرْسَلَ مَرْوَانُ إِلَى فَاطِمَةَ، فَسَأَلَهَا، فَأَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ ابْنِ (¬1) حَفْصٍ، وَكَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَّرَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَى بَعْضِ الْيَمَنِ، فَخَرَجَ مَعَهُ زَوْجُهَا، فَبَعَثَ إِلَيْهَا بِتَطْلِيقَةٍ كَانَتْ بَقِيَتْ لَهَا، وَأَمَرَ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَالْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ أَنْ يُنْفِقَا عَلَيْهَا، فَقَالَا: وَاللَّهِ مَا لَهَا مِنْ نَفَقَةٍ إِلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "لَا نَفَقَةَ لَكِ إِلَّا أَنْ تَكُونِي حَامِلًا". وَاسْتَأْذَنَتْهُ فِي الِانْتِقَالِ فَأَذِنَ لَهَا، فَقَالَتْ: أَيْنَ أَنْتَقِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ" وَكَانَ أَعْمَى، تَضَعُ ثِيَابَهَا عِنْدَهُ وَلَا يُبْصِرُهَا، فَلَمْ تَزَلْ هُنَالِكَ حَتَّى مَضَتْ عِدَّتُهَا، فَأَنْكَحَهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أُسَامَةَ، فَرَجَعَ قَبِيصَةُ إِلَى مَرْوَانَ فَأَخْبَرَهُ ذَلِكَ (¬2).
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ (¬3). وَقَبِيصَةُ هُوَ ابْنُ ذُؤَيْبٍ.
فَأَمَّا إِنْكَارُ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَى فَاطِمَةَ؛ فَإِنَّمَا أَنْكَرُوا عَلَيْهَا تَرْكَ السُّكْنَى لَا النَّفَقَةِ، وَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَجْعَلْ لَهَا النَّفَقَةَ؛ لِلْمَعْنَى الْمَنْقُولِ فِي الْخَبَرِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: "لَا نَفَقَةَ لَكِ إِلَّا أَنْ تَكُونِي حَامِلًا". وَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا السُّكْنَى فِي بَيْتِ زَوْجِهَا، وَنَقَلَهَا مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ لِمَعْنًى اسْتَحْيَتْ فَاطِمَةُ مِنْ ذِكْرِهِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ غَيْرُهَا.
وَهُوَ مَا:
[4718] أخبرنا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، أنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ
¬__________
(¬1) وكذا في معرفة السنن، وفي أصل الرواية: "أبي حفص"، قال أبو أحمد الحاكم في الكنى (3/ 264): "أبو حفص بن المغيرة، ويقال: أبو عمرو بن حفص بن المغيرة، ويقال: ابن حفص بن عمرو".
(¬2) أخرجه أبو داود في السنن، رواية ابن داسة (ق/ 262).
(¬3) صحيح مسلم (4/ 197).

الصفحة 484