كتاب الخلافيات بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه ت النحال (اسم الجزء: 6)

حَنْبَلٍ، وَذُكِرَ لَهُ قَوْلُ عُمَرَ - رضي الله عنه -: لَا نَدَعُ كِتَابَ رَبِّنَا وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا، قُلْتُ: يَصِحُّ هَذَا عَنْ عُمَرَ؟ قَالَ: لَا (¬1).
قَالَ الشَّافِعِيُّ - رحمه الله - فِي الْقَدِيمِ: قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - اتَّهَمَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، وَقَالَ: لَا نَدَعُ كِتَابَ رَبِّنَا لِقَوْلِ امْرَأَةٍ، قُلْنَا: لَا نَعْرِفُ أَنَّ عُمَرَ اتَّهَمَهَا، وَمَا كَانَ فِي حَدِيثِهَا مَا يُتَّهَمُ لَهُ، مَا حَدَّثَتْ إِلَّا بِمَا لَا تُحِبُّ (¬2)، وَهِيَ امْرَأَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، لَهَا شَرَفٌ وَعَقْلٌ وَفَضْلٌ، وَلَوْ رُدَّ شَيْءٌ مِنْ حَدِيثِهَا كَانَ إِنَّمَا يُرَدُّ مِنْهُ أَنَّهُ أَمَرَهَا بِالْخُرُوجِ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا، فَلَمْ تَذْكُرْ هِيَ لِمَ أُمِرَتْ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا أُمِرَتْ بِهِ؛ لِأَنَّهَا اسْتَطَالَتْ عَلَى أَحْمَائِهَا، فَأُمِرَتْ بِالتَّحْوِيلِ عَنْهُمْ (¬3) لِلشَّرِّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُمْ، وَلَمْ تُؤْمَرْ أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ؛ لِأَنَّ مِنْ حَقِّ الزَّوْجِ أَنْ تُحْصَنَ لَهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ، فَلَمَّا جَاءَ عُذْرٌ حُصِنَتْ (¬4) فِي غَيْرِ بَيْتِهِ، فَكَأَنَّهُمْ أَحَبُّوا لَهَا ذِكْرَ السَّبَبِ الَّذِي [لَهُ] أُخْرِجَتْ؛ لِئَلَّا [يَذْهَبَ] (¬5) ذَاهِبٌ إِلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى أَنْ تَعْتَدَّ الْمَبْتَوتَةُ حَيْثُ شَاءَتْ فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا.
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَمَا نَعْلَمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ ذِكْرَ نَفَقَةٍ، إِنَّمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ ذِكْرُ السُّكْنَى. ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، وَقَوْلَ مَرْوَانَ لِعَائِشَةَ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ (¬6).
¬__________
(¬1) مسائل الإمام أحمد، رواية أبي داود السجستاني (ص 408).
(¬2) في النسخ: "يجب"، والمثبت من المختصر، ومعرفة السنن للمؤلف (11/ 290).
(¬3) في (م): "منهم".
(¬4) في (م): "رخصت".
(¬5) ما بين المعقوفات ليس في النسخ، والمثبت من المختصر.
(¬6) انظر: الأم للشافعي (6/ 600).

الصفحة 491