كتاب الخلافيات بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه ت النحال (اسم الجزء: 6)

[4762] أخبرنا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ، قَالَ: قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ الْحَافِظُ - رحمه الله -: ابْنُ الْبَيْلَمَانِيِّ ضَعِيفٌ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ إِذَا وَصَلَ الْحَدِيثَ، فَكَيْفَ بِمَا (¬1) يُرْسِلُهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ (¬2).
قَالَ الشَّافِعِيُّ - رحمه الله -: قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رُوِّينَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قتَلَ مُؤْمِنًا بِكَافِرٍ؟
قُلْنَا: أَفَرَأَيْتَ لَوْ كُنَّا نَحْنُ وَأَنْتَ نُثْبِتُ الْمُنْقَطِعَ؛ بِحُسْنِ الظَّنِّ بِمَنْ رَوَى، فَرُوِيَ حَدِيثَانِ (¬3): أَحَدُهُمَا مُنْقَطِعٌ، وَالْآخَرُ مُتَّصِلٌ بِخِلَافِهِ، أَيُّهُمَا كَانَ أَوْلَى بِنَا أَنْ نُثْبِتَهُ؟ الَّذِي ثَبَّتْنَاهُ (¬4)، وَقَدْ عَرَفْنَا مَنْ رَوَاهُ بِالصِّدْقِ؟ أَوِ الَّذِي ثَبَّتْنَاهُ بِالظَّنِّ؟
قَالَ: بَلِ الَّذِي ثَبَّتْنَاهُ مُتَّصِلًا.
قُلْنَا: فَحَدِيثُنَا مُتَّصِلٌ، وَحَدِيثُ ابْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ مُنْقَطِعٌ، وَحَدِيثُ ابْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ خَطَأٌ، وَإِنَّمَا (¬5) رَوَى ابْنُ الْبَيْلَمَانِيِّ فِيمَا بَلَغَنِي، أَنَّ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ قَتَلَ كَافِرًا لَهُ عَهْدٌ إِلَى مُدَّةٍ، وَكَانَ الْمَقْتُولُ رَسُولًا، فَقَتَلَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَوْ كَانَ ثَابِتًا كُنْتَ أَنْتَ قَدْ خَالَفْتَ الْحَدِيثَيْنِ؛ حَدِيثَنَا وَحَدِيثَ ابْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ.
قَالَ: وَالَّذِي قَتَلَهُ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ قَبْلَ بَنِي النَّضِيرِ، وَقَبْلَ الْفَتْحِ بِزَمَانٍ، وَخُطْبَةُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا يُقْتَلُ مُؤْمِن بِكَافِرٍ" عَامَ الْفَتْحِ، فَلَوْ كَانَ كَمَا تَقُولُ [كَانَ] (¬6) مَنْسُوخًا.
¬__________
(¬1) في (م): "لما".
(¬2) سنن الدارقطني، رواية الحارثي (ق 204/ ب).
(¬3) في النسخ: "حديثا أن"، والمثبت من أصل الرواية والمختصر.
(¬4) في (م): "ثبتناه متصل".
(¬5) في (م): "فإنما".
(¬6) ما بين المعقوفين ليس في النسخ، والمثبت من المصادر السابقة.

الصفحة 516