كتاب الخلافيات بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه ت النحال (اسم الجزء: 6)
أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ! وَالَّذِي بَعَثَكَ [بِالْحَقِّ] (¬1) لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا. فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "يَا أَنَسُ، كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ". فَرَضِيَ الْقَوْمُ فَعَفَوْا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ (¬2) لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ" (¬3).
[4823] أخبرنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْوَزِيرِ، ثنا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الرَّازِيُّ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ سَوَاءً.
أَخرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْأَنْصَارِيِّ (¬4).
قَالَ الشَّيْخُ - رحمه الله -: وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يُخَالِفُ مَا رَوَيْنَا فِي حَدِيثِ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ مِنَ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ كِتَابَ اللَّهِ الْقِصَاصُ إِلَّا أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ وَلِيُّ (¬5) الدَّمِ، وَلَيْسَ إِذَا لَمْ يُنْقَلْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الدِّيَةِ وَالْقِصَاصِ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُخَيَّرُ، بِدَلِيلٍ آخَرَ، هُوَ (¬6) أَنَّهُ أَحَالَهُ عَلَى الْكِتَابِ.
وَقَدْ بَيَّنَ الشَّافِعِيُّ - رحمه الله - ثُبُوتَ الْخِيَارِ بِقَوْلِهِ: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} (¬7) (¬8).
¬__________
(¬1) ما بين المعقوفين ليس في النسخ، والمثبت من المختصر والسنن الكبير (16/ 279).
(¬2) قوله: "من" ليس في (م).
(¬3) أخرجه محمد بن عبد الله الأنصاري في جزئه، رواية أبي مسلم الكجي (ص 41).
(¬4) صحيح البخاري (3/ 186).
(¬5) قوله: "ولي" ليس في (م).
(¬6) في النسخ: "على"، والمثبت من معرفة السنن (12/ 65).
(¬7) سورة البقرة (آية: 178).
(¬8) زاد ابن فرح في المختصر: "لأنه لو لم يجب بالعفو عن القصاص مال لم يكن للعافي شيء يتبعه بالمعروف ولا على القاتل شيء يؤديه بإحسان"، وقد وردت في الأم للشافعي (7/ 24) ومعرفة السنن للمؤلف (12/ 63) في غير هذا السياق.
الصفحة 553