كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (اسم الجزء: 6)

هَذَا الْمَالِ فَضْلٌ، وَلَكُمْ خَدَمٌ يُعَالِجُونَ لَكُمْ، وَيَعْمَلُونَ لَكُمْ، إِنْ شِئْتُمْ رَضَخْنَا لَهُمْ، فَرَضَخَ لَهُمُ الْخَمْسَةَ دَرَاهِمَ، فَقَالُوا: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ فَضَّلْتَ الْمُهَاجِرِينَ؟ فَقَالَ: أَجْرُ أُولَئِكَ عَلَى اللَّهِ، إِنَّمَا هَذِهِ مَعَايِشُ، الْأُسْوَةُ فِيهِ خَيْرٌ مِنَ الْأَثَرَةِ.
فَلَمَّا مَاتَ أَبُو بَكْرٍ اسْتَخْلَفَ عُمَرُ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ، فَجَاءَهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: قَدْ كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ فِي هَذَا الْمَالِ رَأْيٌ، وَلِي رَأْيٌ آخَرُ: لَا أَجْعَلُ مَنْ قَاتَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَنْ قَاتَلَ مَعَهُ، فَفَضَّلَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ، فَفَرَضَ لِمَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْهُمْ خَمْسَةَ آلَافٍ خَمْسَةَ آلَافٍ، وَمَنْ كَانَ إِسْلَامُهُ قَبْلَ إِسْلَامِ أَهْلِ بَدْرٍ فَرَضَ لَهُ أَرْبَعَةَ آلَافٍ أَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَفَرَضَ لِأَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا لِكُلِّ امْرَأَةٍ، إِلَّا صَفِيَّةَ وَجُوَيْرِيَّةَ، فَفَرَضَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ سِتَّةَ آلَافٍ، فَأَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذْنَهَا، فَقَالَ: إِنَّمَا فُرِضَتْ لَهُنَّ بِالْهِجْرَةِ، فَقُلْنَ: مَا فُرِضَتْ لَهُنَّ بِالْهِجْرَةِ، إِنَّمَا فُرِضَتْ لَهُنَّ لِمَكَانِهِنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَنَا مِثْلُ مَكَانِهِنَّ، فَأَبْصَرَ ذَلِكَ، فَجَعَلَهُنَّ سَوَاءً.
وَفَرَضَ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا ; لِقَرَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفَرَضَ لِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَفَرَضَ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ خَمْسَةَ آلَافٍ خَمْسَةَ آلَافٍ، فَأَلْحَقَهُمَا بِأَبِيهِمَا ; لِقَرَابَتِهِمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَفَرَضَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ثَلَاثَةَ آلَافٍ، فَقَالَ: يَا أَبَتِ، فَرَضْتَ لِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَفَرَضْتَ لِي ثَلَاثَةَ آلَافٍ، فَمَا كَانَ لِأَبِيهِ مِنَ الْفَضْلِ مَا لَمْ يَكُنْ لَكَ، وَمَا كَانَ لَهُ مِنَ الْفَضْلِ مَا لَمْ يَكُنْ لِي؟! فَقَالَ: إِنَّ أَبَاهُ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَبِيكَ، وَهُوَ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْكَ.
وَفَرَضَ لِأَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا أَلْفَيْنِ أَلْفَيْنِ، فَمَرَّ بِهِ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، فَقَالَ: زِيدُوهُ أَلْفًا، أَوْ قَالَ: زِدْهُ أَلْفًا يَا غُلَامُ. فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: لِأَيِّ شَيْءٍ تُزِيدُهُ عَلَيْنَا؟ مَا كَانَ لِأَبِيهِ مِنَ الْفَضْلِ مَا كَانَ لِآبَائِنَا؟.
قَالَ: فَرَضْتُ لَهُ بِأَبِي سَلَمَةَ أَلْفَيْنِ، وَزِدْتُهُ بِأُمِّ سَلَمَةَ أَلْفًا، فَإِنْ كَانَتْ لَكَ أُمٌّ مِثْلُ أُمِّ سَلَمَةَ، زِدْتُكَ أَلْفًا. وَفَرَضَ لِعُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ وَهُوَ ابْنُ أَخِي طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ - يَعْنِي: عُثْمَانَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - ثَمَانِمِائَةٍ، وَفَرَضَ لِلنَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ: جَاءَكَ ابْنُ عُثْمَانَ مِثْلُهُ، فَفَرَضْتَ لَهُ ثَمَانِمِائَةٍ، وَجَاءَكَ غُلَامٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَفَرَضْتَ لَهُ فِي أَلْفَيْنِ؟ فَقَالَ: إِنِّي لَقِيتُ أَبَا هَذَا يَوْمَ أُحُدٍ، فَسَأَلَنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ: مَا أَرَاهُ إِلَّا قَدْ قُتِلَ. فَسَلَّ سَيْفَهُ وَسَدَّدَ

الصفحة 4