كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (اسم الجزء: 6)

سَعْدٌ: لَئِنْ مَنَعْتَنِي لَأَقْطَعَنَّ عَلَيْكَ أَوْ لَأَمْنَعَنَّكَ تِجَارَتَكَ إِلَى مَوْضِعٍ - لِمَوْضِعٍ ذَكَرَهُ - قَالَ: وَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، قَالَ عُتْبَةُ لِسَعْدٍ: أَتَرْفَعُ صَوْتَكَ عَلَى أَبِي الْحَكَمِ؟ قَالَ: فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: وَأَنْتَ تَقُولُ ذَاكَ؟ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " إِنَّهُ قَاتِلُكَ ".
قَالَ: فَفَضَّ يَدَهُ مِنْ يَدِهِ، وَقَالَ: إِنَّ مُحَمَّدًا لَا يَكْذِبُ قَالَ: فَطَافَ سَعْدٌ ثُمَّ انْصَرَفَ، وَأَتَى عُتْبَةُ امْرَأَتَهُ، فَقَالَ: أَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ أَخِي الْيَثْرِبِيُّ؟ قَالَتْ: وَمَا قَالَ؟ قَالَ: زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا قَاتِلِي، وَأَنَّ مُحَمَّدًا لَا يَكْذِبُ. قَالَ: فَمَا كَانَ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى كَانَ مِنْ أَمْرِ بَدْرٍ، قَالَ: فَجَعَلَ أَبُو جَهْلٍ يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ» قَالَ: وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
قُلْتُ: لِابْنِ مَسْعُودٍ حَدِيثٌ فِي الصَّحِيحِ فِي نُزُولِ سَعِدٍ عَلَى أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَهَذَا فِيهِ: إِنَّهُ نَزَلَ عَلَى عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.
9950 - وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ بِالْمَدِينَةِ: «إِنِّي أُخْبِرْتُ عَنْ عِيرِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّهَا مُقْبِلَةٌ، فَهَلْ لَكُمْ أَنْ نَخْرُجَ قَبْلَ هَذَا الْعِيرِ، لَعَلَّ اللَّهَ يُغْنِمْنَاهَا؟ ". قُلْنَا: نَعَمْ. فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ فَلَمَّا سِرْنَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، قَالَ لَنَا: " مَا تَرَوْنَ فِي الْقَوْمِ، فَإِنَّهُمْ أُخْبِرُوا بِمُخْرَجِكُمْ؟ ". فَقُلْنَا: لَا وَاللَّهِ مَا لَنَا طَاقَةٌ بِقِتَالِ الْعَدُوِّ، وَلَكِنْ أَرَدْنَا الْعِيرَ، ثُمَّ قَالَ: " مَا تَرَوْنَ فِي الْقَوْمِ؟ ". فَقُلْنَا مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو: إِذًا لَا نَقُولُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى لِمُوسَى: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24] قَالَ: فَتَمَنَّيْنَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَنَّا قُلْنَا كَمَا قَالَ الْمِقْدَادُ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ أَنْ يَكُونَ لَنَا مَالٌ عَظِيمٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ - يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ} [الأنفال: 5] ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} [الأنفال: 12] وَقَالَ: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} [الأنفال: 7]، وَالشَّوْكَةُ: الْقَوْمُ. وَغَيْرُ ذَاتِ الشَّوْكَةِ: الْعِيرُ. فَلَمَّا وَعَدَ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا الْقَوْمَ، وَإِمَّا الْعِيرَ طَابَتْ أَنْفُسُنَا، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ يَنْظُرُ مَا قَبْلَ الْقَوْمِ، فَقَالَ: رَأَيْتُ سَوَادًا وَلَا أَدْرِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " هُمُ هُمُ، هَلُمُّوا أَنْ نَتَعَادَ ". فَإِذَا نَحْنُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَأَخْبَرْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

الصفحة 73