كتاب أبحاث هيئة كبار العلماء (اسم الجزء: 6)

فقال بعضهم: بالمنع؛ لأن العقوبات المالية من قبيل الغريب الذي لا عهد به في الإسلام ولا يلائم تصرفات الشرع، وتأولوا ما ورد من أخذ عمر شطر مال خالد رضي الله عنهما بأنه أخذ ما رأى أن خالدا استفاده بالولاية. وأقر جماعة بأن التعزير بالمال قد كان أول الإسلام، ثم زعموا أنه نسخ بالإجماع على تركه.
واستشهدوا لذلك: بأن أبا بكر رضي الله عنه قاتل مانعي الزكاة حتى أخذها منهم، ولم ينقل عنه أنه زاد عليها، ولو كان لنقل، فدل ذلك على الإجماع على تركها. وستأتي مناقشة ذلك إن شاء الله.
وقال بعضهم: يجوز لولي الأمر التعزير بالعقوبات المالية.
واستدلوا على ذلك بوقائع كثيرة:
منها: ما كان تأديبا بها من النبي صلى الله عليه وسلم.
ومنها: ما كان من الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، دون نكير من أحد من الصحابة رضي الله عنهم، حتى من نزلت به العقوبة.
وعلى هذا فدعوى المانعين أن ذلك من قبيل الغريب الذي لا عهد للشريعة به ولا يلائم تصرفات الشرع دعوى يكذبها الواقع الكثير.
وكذا ما زعموه من النسخ أو الإجماع على الترك باطل بوجود ذلك في تصرفات الخلفاء الراشدين على مشهد من الصحابة دون نكير، وبوجود الخلاف بعدهم في ذلك بين أئمة الفقهاء.
ورأى بعضهم أن التعزير بالمال في المال الذي وقعت فيه الإساءة وتوابعه بإتلافه أو مصادرته وحرمانه منه ونفع المساكين ونحوهم به، غير

الصفحة 437