كتاب أبحاث هيئة كبار العلماء (اسم الجزء: 6)

العربي: وهذا باطل؛ لأن الملائكة لا تناله في وقت ولا تصل إليه بحال، ولو كان المراد به ذلك لما كان للاستثناء فيه مجال.
وأما من قال: إنه الذي بأيدي الملائكة في الصحف فهو قول محتمل؛ وهو اختيار مالك. وقيل: المراد بالكتاب المصحف الذي بأيدينا: وهو الأظهر.
وقد روى مالك وغيره: أن في كتاب عمرو بن حزم الذي كتبه له رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسخته: «من محمد النبي إلى شرحبيل بن عبد كلال والحارث بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال قيل ذي رعين ومعافر وهمدان أما بعد (¬1) » وكان في كتابه: «ألا يمس القرآن إلا طاهر (¬2) » . وقال ابن عمر: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر» ، وقالت أخت عمر لعمر عند إسلامه وقد دخل عليها ودعا بالصحيفة: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} (¬3) فقام واغتسل وأسلم. وقد مضى في أول سورة (طه) وعلى هذا المعنى قال قتادة وغيره: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} (¬4) من الأحداث والأنجاس. الكلبي: من الشرك. الربيع بن أنس: من الذنوب والخطايا. وقيل معنى: {لَا يَمَسُّهُ} (¬5) لا يقرؤه {إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} (¬6) إلا الموحدون، قال محمد بن فضيل وعبدة.
قال عكرمة: كان ابن عباس ينهى أن يمكن أحد من اليهود والنصارى من قراءة القرآن.
وقال الفراء: لا يجد طعمه ونفعه وبركته إلا المطهرون؛ أي: المؤمنون بالقرآن.
ابن العربي: وهو اختيار البخاري؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ذاق طعم الإيمان
¬__________
(¬1) سنن النسائي القسامة (4853) ، سنن الدارمي الديات (2365) .
(¬2) موطأ مالك النداء للصلاة (468) .
(¬3) سورة الواقعة الآية 79
(¬4) سورة الواقعة الآية 79
(¬5) سورة الواقعة الآية 79
(¬6) سورة الواقعة الآية 79

الصفحة 58