كتاب الروض الأنف ت الوكيل (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لَذَكَرْنَا مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي قَوْلِ إبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنّ قَلْبِي) ، وَذَكَرْنَا النّكْتَةَ الْعُظْمَى فِي ذَلِكَ، وَلَعَلّنَا أَنْ نَلْقَى لَهَا مَوْضِعًا، فَنَذْكُرَهَا. وَالشّكّ الّذِي ذَكَرَهُ عُمَرُ وابن عباس مالا يُصِرّ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ، وَإِنّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْوَسْوَسَةِ الّتِي قَالَ فِيهَا عَلَيْهِ السّلَامُ مُخْبِرًا عَنْ إبْلِيسَ:
الْحَمْدُ لِلّهِ الّذِي رَدّ كَيْدَهُ إلَى الْوَسْوَسَةِ.
مَوْقِفُ أُمّ سَلَمَةَ فِي الْحُدَيْبِيَةِ:
وَفِي غَيْرِ رِوَايَةِ ابْنِ إسْحَاقَ مِنْ الصّحِيحِ أَنّهُ عَلَيْهِ السّلَامُ دَخَلَ عَلَى أُمّ سَلَمَةَ، وَشَكَا إلَيْهَا مَا لَقِيَ مِنْ النّاسِ حِينَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَحْلِقُوا وَيَنْحَرُوا، فَلَمْ يَفْعَلُوا لِمَا بِهِمْ مِنْ الْغَيْظِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ اُخْرُجْ إلَيْهِمْ، فَلَا تُكَلّمْهُمْ، حَتّى تَحْلِقَ وَتَنْحَرَ، فَإِنّهُمْ إذَا رَأَوْك قَدْ فَعَلْت ذَلِكَ، لَمْ يُخَالِفُوك. فَفَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفَعَلَ النّاسُ، وَكَانَ الّذِي حَلَقَ رَأْسَ رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ خِرَاشَ بْنَ أُمَيّةَ [بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ مُنْقِذِ بْنِ عَفِيفِ بْنِ كُلَيْبِ بْنِ حبشية بن سَلُولَ] الْخُزَاعِيّ [ثُمّ الْكَلْبِيّ] «1» وَهُوَ الّذِي كَانَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ إلى مَكّةَ فَعَقَرُوا جَمَلَهُ، وَأَرَادُوا قَتْلَهُ، فَحِينَئِذٍ بَعَثَ إلَيْهِمْ عُثْمَانَ بْنَ عَفّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَفِي تَرْكِهِمْ لِلْبِدَارِ دَلِيلٌ عَلَى أَنّ الْأَمْرَ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ، كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ الْأُصُولِيّينَ، وَفِيهِ أَنّهُمْ حَمَلُوا الْأَمْرَ عَلَى غَيْرِ الْوُجُوبِ لِقَرِينَةِ، وَهِيَ أَنّهُمْ رَأَوْهُ لم يحلق ولم ينحر،
__________
(1) الزيادة من الإصابة.

الصفحة 491