كتاب الروض الأنف ت الوكيل (اسم الجزء: 6)
وَنَطَاةَ وَالْكَتِيبَةَ وَجَمِيعَ حُصُونِهِمْ، إلّا مَا كَانَ مِنْ ذَيْنِك الْحِصْنَيْنِ. فَلَمّا سَمِعَ بِهِمْ أَهْلُ فَدَكَ قَدْ صَنَعُوا مَا صَنَعُوا، بَعَثُوا إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَهُ أَنْ يُسَيّرَهُمْ، وَأَنّ يَحْقِنَ دِمَاءَهُمْ، وَيُخَلّوا لَهُ الْأَمْوَالَ، فَفَعَلَ.
وَكَانَ فِيمَنْ مَشَى بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَبَيْنَهُمْ فِي ذلك محيّصة ابن مَسْعُودٍ أَخُو بَنِي حَارِثَةَ، فَلَمّا نَزَلَ أَهْلُ خَيْبَرَ عَلَى ذَلِكَ، سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْ يُعَامِلَهُمْ فِي الْأَمْوَالِ عَلَى النّصْفِ، وَقَالُوا: نَحْنُ أَعْلَمُ بِهَا مِنْكُمْ، وَأَعْمَرُ لَهَا؛ فَصَالَحَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى النّصْفِ، عَلَى أَنّا إذَا شِئْنَا أَنْ نُخْرِجَكُمْ أَخْرَجْنَاكُمْ؛ فَصَالَحَهُ أَهْلُ فَدَكَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، فَكَانَتْ خَيْبَرُ فَيْئًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَتْ فَدَكُ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، لِأَنّهُمْ لَمْ يَجْلِبُوا عَلَيْهَا بخيل ولا ركاب.
[الشّاةِ الْمَسْمُومَةِ]
فَلَمّا اطْمَأَنّ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَهْدَتْ لَهُ زَيْنَبُ بِنْتُ الْحَارِثِ، امْرَأَةُ سَلّامِ بْنِ مِشْكَمٍ، شَاةً مَصْلِيّةً، وَقَدْ سَأَلَتْ أَيّ عُضْوٍ مِنْ الشّاةِ أَحَبّ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقِيلَ لَهَا: الذّرَاعُ، فَأَكْثَرَتْ فِيهَا مِنْ السّمّ، ثم سَمّتْ سَائِرَ الشّاةِ، ثُمّ جَاءَتْ بِهَا؛ فَلَمّا وَضَعَتْهَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَنَاوَلَ الذّرَاعَ، فَلَاكَ مِنْهَا مُضْغَةً، فَلَمْ يُسِغْهَا، وَمَعَهُ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ، قَدْ أَخَذَ مِنْهَا كَمَا أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ؛ فَأَمّا بِشْرٌ فَأَسَاغَهَا؛ وَأَمّا رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَلَفَظَهَا، ثُمّ قَالَ: إنّ هَذَا الْعَظْمَ لَيُخْبِرُنِي أَنّهُ مَسْمُومٌ، ثُمّ دَعَا بِهَا، فَاعْتَرَفَتْ، فقال: ما حملك على
ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الصفحة 511