كتاب الروض الأنف ت الوكيل (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قُلْ: لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ الْآيَةُ وَهِيَ مَكّيّةٌ، وَحَدِيثُ النّهْيِ عَنْ الْحُمُرِ كَانَ بِخَيْبَرِ فَهُوَ الْمُبَيّنُ لِلْآيَةِ، وَالنّاسِخُ لِلْإِبَاحَةِ «1» ، وَمِنْ حُجّتِهِمْ أَيْضًا قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لرجل استفتاه فى أكل الحمار
__________
(1) عجيب والله أمر هؤلاء الذين يزعمون أن رسول الله «ص» يحرم ما أحله الله. وقد أخرج البخارى عن عمرو بن دينار قال: «قلت لجابر بن زيد: يزعمون أن رسول الله «ص» نهى عن الحمر الأهلية، قال: قد كان يقول ذلك الحكم بن عمر الغفارى عندنا بالبصرة، ولكن أبى ذلك البحر ابن عباس، وقرأ: (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً) وفهم ابن عباس دقيق. ففى الآية حصر لا يأذن لشىء أن يطيف بقدسه، ولا أن يضاف إلى المحصور، ومن يتدبر الآية يهدى الإيمان فى قلبه، والتقديس لما يقول القرآن يمجد فهم ابن عباس رضى الله عنه. أو يمكن أن نظن بالقرآن الكريم أن بيانه الحكيم القوى تنها حكمته وتهى قوته بهذه السهولة؟! (قُلْ: لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ، فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً، أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ، فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ، فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) الأنعام: 145. وقد ورد بعدها ما حرم الله على الذين هادوا. فتدبر النفى السابق للفعل أجد، ثم كلمة إلا ليتبين أن الآية تؤكد بهذا البيان المحكم أن الله سبحانه لم يحرم شيئا غير ما ورد فى الآية القرآنية. ثم إذا تبين بالدليل القطعى الذى تؤيده التجربة أو الواقع أن شيئا ما يضر الناس تناوله، فانه يكون محرما بنص آية أخرى حيث وصف الرسول صلى الله عليه وسلم فى سورة الأعراف بأن «يحل الطيبات ويحرم الخبائث» فكل طيب حلال، وكل خبيث حرام بهذا النص. هذا ولا يصح ترديد أن الحديث ينسخ القرآن، وإلا بهتناه صلى الله عليه وسلم، بأنه كان يتقول على الله بعض الأقاويل. وأضرع إلى الله أن يفتح القلوب لكلمة الحق هذه، فلا يرجمنا بسببها قوم لا نكن لهم إلا ما نكن للصفاء والحب والخير.

الصفحة 552