كتاب الروض الأنف ت الوكيل (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فرّت يهود يوم ذلك فى الوغا ... تَحْتَ الْعَجَاجِ غَمَائِمَ الْأَبْصَارِ
وَهُوَ بَيْتٌ مُشْكِلٌ غَيْرَ أَنّ فِي بَعْضِ النّسَخِ، وَهِيَ قَلِيلَةٌ عَنْ ابْنِ هِشَامٍ أَنّهُ قَالَ: فَرّتْ فَتَحَتْ، مِنْ قَوْلِك: فَرَرْت «1» الدّابّةَ، إذَا فَتَحْت فَاهَا. وَغَمَائِمُ الْأَبْصَارِ، هِيَ مَفْعُولُ فَرّتْ، وَهِيَ جُفُونُ أَعْيُنِهِمْ، هَذَا قَوْلٌ، وَقَدْ يَصِحّ أَنْ يَكُونَ فَرّتْ مِنْ الْفِرَارِ، وَغَمَائِمُ الْأَبْصَارِ مِنْ صِفَةِ الْعَجَاجِ، وَهُوَ الْغُبَارُ وَنَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ مِنْ الْعَجَاجِ، وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ لَفْظَ الْمَعْرِفَةِ عِنْدَ مَنْ لَيْسَ بِشَاذّ فِي النّحْوِ، وَلَا مَاهِرٍ فِي الْعَرَبِيّةِ، وَأَمّا عِنْدَ أَهْلِ التّحْقِيقِ، فَهُوَ نَكِرَةٌ، لِأَنّهُ لَمْ يُرِدْ الْغَمَائِمَ حَقِيقَةً وَإِنّمَا أراد مثل الغمائم، فهو مثل قول امرىء الْقَيْسِ:
بِمُنْجَرِدِ قَيْدِ الْأَوَابِدِ هَيْكَلِ «2»
فَقَيْدُهَا هُنَا نَكِرَةٌ، لِأَنّهُ أَرَادَ مِثْلَ الْقَيْدِ، وَلِذَلِكَ نَعَتَ بِهِ مُنْجَرِدًا، أَوْ جَعَلَهُ فِي مَعْنَى مُقَيّدٍ، وكذلك قول عبدة بن الطّيب «3» :
تَحِيّةُ مَنْ غَادَرْته غَرَضَ الرّدَى
فَنَصَبَ غَرَضًا عَلَى الْحَالِ: وَأَصَحّ الْأَقْوَالِ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: زَهْرَةَ
__________
(1) فى الأصل: فرت. وفى اللسان: فر الدابة يفرها كشف عن أسنانها.
(2) من معلقته، وأوله: وقد أغتدى والطير فى وكناتها.
(3) فى الأصل: الطيب، والتصويب من الأمالى للقالى والسمط البكرى والبيان للجاحظ.

الصفحة 568