كتاب الروض الأنف ت الوكيل (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ، وَقَالَ: وَلِلرّسُولِ، وَقَالَ فِي أَوّلِ السورة قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ وَقَالَ فِي آيَةِ الْفَيْءِ مَا أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ولم يقل: رسوله، وكل هذا الحكمة، وَحَاشَا لِلّهِ أَنْ يَكُونَ حَرْفٌ مِنْ التّنْزِيلِ خَالِيًا مِنْ حِكْمَةٍ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ: قَسَمَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْضَ خَيْبَرَ أَثْلَاثًا أَثْلَاثًا، السّلَالِمُ وَالْوَطِيحُ وَالْكَتِيبَةُ، فَإِنّهُ تَرَكَهَا لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ وَمَا يَعْرُوهُمْ، وَفِي هَذَا مَا يُقَوّي أَنّ الْإِمَامَ مُخَيّرٌ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ إنْ شَاءَ قَسَمَهَا أَخْذًا بِقَوْلِ اللهِ سُبْحَانَهُ: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ الْآيَةُ فَيُجْرِيهَا مَجْرَى الْغَنِيمَةِ، وَإِنْ شَاءَ وَقَفَهَا كَمَا فَعَلَ عُمَرُ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَخْذًا بِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: مَا أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى إلَى قَوْلِهِ: وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ فَاسْتَوْعَبَتْ آيَةُ الْفَيْءِ جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ، وَمَنْ يَأْتِي بَعْدَهُمْ، فَسَمّى آيَةَ الْقُرَى فَيْئًا وَسَمّى الْأُخْرَى غَنِيمَةً، فَدَلّ عَلَى افْتِرَاقِهِمَا فِي الْحُكْمِ، كَمَا افْتَرَقَا فِي التّسْمِيَةِ، وَكَمَا اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَقْوَالٍ مِنْهُمْ: مَنْ يَرَى قَسْمَ الْأَرْضِ كَمَا فَعَلَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرِ، وَهُوَ قَوْلُ الشّافِعِيّ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَاهَا وَقْفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِبَيْتِ مَالِهِمْ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِتَخْيِيرِ الْإِمَامِ فِي ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ افْتَرَقَ رَأْيُ الصّحَابَةِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الْبِلَادِ، فَكَانَ رَأْيُ الزّبَيْرِ الْقَسْمَ، فَكَلّمَ عَمْرَو بْنَ العاصى حين افتتح مصرفى قَسْمِهَا فَكَتَبَ عَمْرٌو بِذَلِكَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ، فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ: أَنْ دَعْهَا، وَلَا تَقْسِمْهَا، حَتّى يُجَاهِدَ مِنْهَا حَبَلُ الْحَبَلَةِ»
، وَقَدْ شرحنا هذه الكلمة فى
__________
(1) يريد: حتى يغزو منها أولاد الأولاد، ويكون عاما فى الناس والدواب، أى يكثر-

الصفحة 580