أتَوْا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، فأسلموا، وأصابهم وباء المدينة -حُمّاها-، فأُرْكِسوا، خرجوا من المدينة فاستقبلهم نفر من الصحابة، فقالوا لهم: ما لكم رجعتم؟ قالوا: أصابنا وباء المدينة. فقالوا: ما لكم في رسول الله أسوة حسنة؟! فقال بعضهم: نافقوا. وقال بعضهم: لم ينافقوا، إنهم مسلمون. فأنزل الله: {فما لكم في المنافقين فئتين} الآية (¬١). (٤/ ٥٦٨)
١٩٣٤٦ - عن أبي سلمة، عن عبد الرحمن: أنّ نفرًا من طوائف العرب هاجروا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمكثوا معه ما شاء الله أن يمكثوا، ثم ارتكسوا، فرجعوا إلى قومهم، فلقوا سرية من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعرفوهم، فسألوهم: ما ردَّكم؟ فاعتلُّوا لهم، فقال بعض القوم لهم: نافقتم. فلم يزل بعض ذلك حتى فشا فيهم القول؛ فنزلت هذه الآية: {فما لكم في المنافقين فئتين} (¬٢). (٤/ ٥٦٨)
١٩٣٤٧ - عن زيد بن أسلم، عن ابنٍ لسعد بن معاذ الأنصاري: أنّ هذه الآية أنزلت فينا: {فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا}، خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس، فقال: «مَن لي بمن يؤذيني ويجمع لي في بيته مَن يؤذيني؟». فقام سعد بن معاذ، فقال: إن كان مِنّا يا رسول الله قتلناه، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا فأطعناك. فقام سعد بن عبادة، فقال: ما بك يا ابنَ معاذ طاعةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن عرفت ما هو منك. فقام أسيد بن حضير: فقال: إنك يا ابن عبادة منافق تحب المنافقين. فقام محمد بن مسلمة، فقال: اسكتوا، أيها الناس، فإنّ فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو يأمرنا فَنَنفُذُ لأمره. فأنزل الله: {فما لكم في المنافقين فئتين} الآية (¬٣). (٤/ ٥٦٧)
١٩٣٤٨ - عن زيد بن أسلم -من طريق ابنه عبد الرحمن- أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس، فقال: «كيف ترون في رجل يجادل بين أصحاب رسول الله، ويسيء القول لأهل رسول الله وقد برَّأهم الله؟» ثم قرأ ما أنزل الله في براءة عائشة، فقال سعد بن
---------------
(¬١) أخرجه أحمد ٣/ ٢٠٣ - ٢٠٤ (١٦٦٧).
قال الهيثمي في المجمع ٧/ ٧ (١٠٩٣٩): «رواه أحمد، وفيه ابن إسحاق، وهو مدلس، وأبو سلمة لم يسمع من أبيه». وقال السيوطي في لباب النقول ص ٦٤: «في إسناده تدليس وانقطاع».
(¬٢) أخرجه ابن أبي حاتم ٣/ ١٠٢٤ من وجه آخر.
(¬٣) أخرجه سعيد بن منصور في التفسير من سننه ٤/ ١٣١٣ - ١٣١٤ (٦٦٣)، وابن المنذر ٢/ ٨١٩ (٢٠٨٢) واللفظ له، وابن أبي حاتم ٣/ ١٠٢٣ (٥٧٤٠).
قال ابن كثير في تفسيره ٢/ ٣٧١: «وهذا غريب». ومثله العيني في عمدة القاري ١٨/ ١٨٠.