كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 6)

ذَاكَ، وقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعِي أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا يَقُولُ: كَانَ خَمْرَهُمْ يَوْمَئِذٍ.
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ أَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ، وَأَبَا دُجَانَةَ، وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ فِي رَهْطٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَدَخَلَ عَلَيْنَا دَاخِلٌ، فَقَالَ: حَدَثَ خَبَرٌ، نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ، فَأَكْفَأْنَاهَا- يَوْمَئِذٍ- وَإِنَّهَا لَخَلِيطُ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ، قَالَ قَتَادَةُ: وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: لَقَدْ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ، وَكَانَتْ عَامَّةُ خُمُورِهِمْ- يَوْمَئِذٍ- خَلِيطَ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ.
وَحَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّار قَالُوا: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: إِنِّي لَأَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ، وَأَبَا دُجَانَةَ، وَسُهَيْلَ بْنَ بَيْضَاء مِنْ مَزَادَةٍ فِيهَا خَلِيطُ بُسْرٍ وَتَمْرٍ. بِنَحْوِ حَدِيثِ سَعِيدٍ.
قوله: ((مِنْ مَزَادَةٍ)): والمزادة: قربة السقاء، يجعلون فيها خمرًا، وهي من الجلد.
وفي هذا الحديث: سرعة مبادرة الصحابة رضوان الله عليهم لامتثال أمر الله وأمر رسوله، وهذا هو الفرق بين الصحابة وبين غيرهم، فالصحابة رضي الله عنهم يمتثلون الأوامر، وينتهون عَنِ النواهي، ولا يتلكؤون ولا يتأخرون، بخلاف مَن بعدهم؛ ولهذا ما راجَعُوها بعد خبر الرجل، بمجرد أن سمعوا المنادي أهرقوها مع شدة تعلُّقِهِم بها؛ لأنهم كانوا يشربونها في الجاهلية، ولا يستطيعون الانفكاك عنها؛ ولهذا تدرَّج الله سبحانه وتعالى في تحريمها، فبيَّن أولًا أنَّ فيها منافع وفيها مضار، ثم نهى عن شربها في وقت قربان الصلاة، ثم حرمها بعد ذلك تحريمًا باتًّا.
وقالت عائشة رضي الله عنها: ((يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ المُهَاجِرَاتِ الأُوَلَ، لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ:

الصفحة 11