كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 6)

النِّوَاءِ
يعني: عليك بها، والشُّرُف يعني: النوق السمينة، والواحدة تسمى: شارِفة، وجمعها شُرُف، أي: عليك بالإبل النواء السمينة، وهي جمع ناوٍ، وهي: السمينة، والأبيات تقول:
أَلَا يَا حَمْزُ بالشُّرُفِ النِّوَاءِ ... وَهُنَّ مُعقَّلَاتٌ بِالفِنَاءِ
ضَعِ السِّكِّينَ فِي اللَّبَّاتِ مِنْهَا ... وبرِّدْهُنَّ حَمْزٌ بِالدِّمَاءِ
وكان قد هيجَّته الخمر والمغنية، فخرج وأخذ السيف، وجبَّ أسنمة الناقتين، ثم شقَّ بطونهما، واستخرج الأمعاء، وجعل يأكل.
وفيه: أن هاتين الشارِفتين كانتا رأسَ مال علي رضي الله عنه، وكان قد وعد رجلًا من الصُوَّاغ للاحتشاش عليهما؛ ليبيع ما يحتشه، حتى يجمع شيئًا من المال؛ ليستعين به على وليمة زواجه من بنت النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة، وهذا فيه دليل على أنَّ زواج علي من فاطمة كان بعد غزوة بدر، وقبل غزوة أحد.
وفيه: أنه لا بأس بالاحتشاش والاحتطاب؛ لأن الحشيش والحطب مباح للجميع، وكون الإنسان يحتش، ويحتطب ليأخذ الحشيش من البر ويبيعه، ويكُف الله به وجهه عَنِ السؤال، هذا هو الذي ينبغي، ولا يسعى للناس ويشحذ منهم.
وفيه: أنَّ الاحتشاش والاحتطاب لا عيب فيهما، ولا ينقصان من المروءة، فهذا علي رضي الله عنه وهو من أشرف الناس، ومع ذلك أقرَّه النبي صلى الله عليه وسلم على الاحتشاش والاحتطاب.
وفيه: مشروعية الوليمة للعرس؛ ولهذا قال: ((أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِيَ بِفَاطِمَةَ))، والبناء يعني: الزواج، وسُمِّي الزواج بناءً؛ لأن العرب كانت إذا تزوج المتزوج يُضرَب له خيمة، فقيل للمتزوج: يبتني.
والإذخر: نوعٌ من الحشيش الرطب يجعله أهل مكة بدلًا من الجريد في سقوف البيوت، وهو كذلك يُجعَل في القبور بين الخلل الذي يوجد فيها، وكذلك يُوقد به الصاغة والحدَّادون النار.

الصفحة 8