كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 6)
أُحدِّثُكم عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وتُحدِّثُوني عن أبي بكرٍ وعمر! فقال عُرْوَة: كانا أعلمَ برسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - منك (¬١).
وذكر رَوْحُ بنُ عُبَادَة، عن أشْعَث (¬٢)، عن الحسن، جوازَ فَسْخ الحجِّ في العُمْرَة.
واحْتَجَّ أحمدُ ومَن قال بهذا القولِ بقولِ سُرَاقَة بنِ مالكِ بنِ جُعْشُم في حديثِ جابِر: يا رسولَ الله، مُتْعَتُنا هذه لعامِنا أم للأبدِ؟ فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "بل للأبدِ" (¬٣). وهذا يحتَمِلُ أن يكونَ أراد وُجوبَ ذلك مرَّة في الدَّهْرِ، واللهُ أعلم.
والوجهُ الرابعُ مِن المتعةِ: مُتْعَةُ المحْصَرِ ومَن صُدَّ عن البيت.
ذكرَ يعقوبُ بنُ شيبة، قال: أخبرنا أبو سَلَمَةَ التَّبُوذَكيُّ، قال: حدَّثنا وُهَيْبٌ، قال: حدَّثنا إسحاقُ بنُ سُوَيْد، قال: سمِعتُ عبدَ الله بنَ الزبيرِ وهو يَخطُبُ وهو يقول: أيُّها الناسُ، إنَّه والله ليس التَّمَتُّعُ بالعمرةِ إلى الحجِّ كما تَصنَعون (¬٤)، ولكنَّ التَّمَتُّعَ بالعمرةِ إلى الحجِّ أن يخرُجَ الرجلُ حاجًّا فيَحْبِسَه عدوٌّ أو أمْرٌ يُعْذَرُ به، حتى تَذْهَبَ أيَّامُ الحجِّ، فيأتيَ البيتَ فيطوفَ، ويَسْعَى بينَ الصَّفا والمروة، ثم
---------------
(¬١) أخرجه الطحاوي في أحكام القرآن (١٢٤٩)، وفي شرح معاني الآثار ٢/ ١٨٩ (٣٨٧٢)، والطبراني في الأوسط ١/ ١١ (٢١)، والخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقِّه ص ٣٧٧ - ٣٧٨ من طرف عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، به.
وذكره النحاس في الناسخ والمنسوخ، ص ١٢٩، وقال: هذا القول انفرد به ابن عباس كما انفرد بأشياء غيرَه.
(¬٢) هو أشعث بن سوّار الكنديّ، النجّار الكوفيّ.
(¬٣) أخرجه أحمد في المسند ٢٢/ ١٨٤ (١٤٢٧٩)، والبخاري (١٦٥١) و (١٧٨٥) من حديث عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(¬٤) في ج: "تصفون".