كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 6)

ولأنت أضَلُّ مِن حمارِ أهلِكَ، سمِعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "هو رحمةٌ لهذه الأُمَّةِ". اللهمَّ فاذكُرْ معاذًا وآلَ معاذٍ فيمَن تذكُرُ بهذه الرحمة (¬١).
قال دُحَيْم: وحدَّثنا عفانُ، عن شعبةَ، عن يزيدَ بنِ خُمَيْرٍ، قال: سمِعتُ شُرَحْبِيلَ بنَ شُفْعَةَ (¬٢) يُحدِّثُ، عن عمرِو بنِ العاص، قال: وقَع الطاعونُ بالشام، فقال عمرٌو: إنَّه رِجْسٌ، فتَفَرَّقُوا عنه. فقال شُرَحْبِيل (¬٣): سمِعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنَّهُ رحمةُ ربِّكم، ودعوةُ نَبِيِّكم، وموتُ الصالحين قبلَكم، فاجتَمِعوا ولا تفرَّقوا عنه" (¬٤).
قال أبو عُمر: أظُنُّه أرادَ بقوله: "ودعوةُ نبيِّكم" قولَه - صلى الله عليه وسلم -: "اللهمَّ اجعَلْ فناءَ أُمَّتي بالطَّعْنِ والطاعونِ". وقد ذكَرْنَا هذا الخبرَ في مواضِعَ مِن هذا الكتابِ (¬٥)، ورَوَينا عن ابن مسعود أنَّه قال: الطَّاعونُ فِتنةٌ على المُقِيم وعلى الفَارِّ؛ أمَّا الفارُّ فيقول: فرَرْتُ فنجَوْتُ. وأمَّا المقيمُ فيقول: أقَمتُ فمِتُّ. وكَذَبَا؛ فَرَّ مَن لم يجِئْ أجَلُه، وأقام مَن جاء أجَله (¬٦).
---------------
(¬١) أخرجه المصنِّف في الاستيعاب ٣/ ١٤٠٦، وإسناده ضعيف جدًّا لأجل الوليد بن محمد: وهو المُوقَّري، قال عنه ابن حجر في التقريب (٧٤٥٣): "متروك". والوليد بن مسلم: هو القرشي، أبو العباس الدمشقي.
(¬٢) في ف ٢: "شعبة"، وهو تحريف.
(¬٣) هو ابن حسنة.
(¬٤) أخرجه أحمد في المسند ٢٩/ ٢٨٩ - ٢٩٠ (١٧٧٥٥) عن عفّان بن مسلم الصفّار، به. وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ٣٠٦ (٧٠٤٨)، وابن حبّان في صحيحه ٧/ ٢١٥ - ٢١٦ (٢٩٥١)، والطبراني في الكبير ٧/ ٣٠٥ (٧٢١٠) من طرقي عن شعبة بن الحجّاج، به. ورجال إسناده ثقات غير شرحبيل بن شفعة أبي يزيد الشامي، فهو صدوق كما قال ابن حجر في التقريب (٢٧٦٨).
(¬٥) في سياق شرح حديث ابن شهاب الزُّهري عن عبد الله بن عامر بن ربيعة.
(¬٦) يروى في بعض الشروح منسوبًا لابن مسعود بلا إسناد، كما في شرح صحيح البخاري لابن بطال ٩/ ٤٢٦، وإكمال المعلم للقاضي عياض ٧/ ٦٦، وشرح صحيح مسلم للنووي ١٤/ ٢٠٧، ولم نقف عليه مسندًا فيما بين أيدينا في المصادر.

الصفحة 42