كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 6)
من أهلِ العِلم (¬١): أنَّ غُسِلَ الجُمُعةِ سُنَّةٌ مُؤكَّدةٌ؛ لأنَّها قد عَمِلَ بها رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - والخُلفاءُ بعدهُ والمُسلِمُون، فاسْتَحبُّوها (¬٢) ونَدبُوا إليها.
وهذا سبيلُ السُّنَنِ المُؤكَّدة (¬٣).
فمن حُجَّةِ مَن ذهبَ هذا المَذْهبَ: حديثُ ابنِ عُمر، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنَّهُ قال: "مَن جاءَ مِنكُمُ الجُمُعة فلْيغتسِلْ"، رواهُ سالمٌ (¬٤) ونافِعٌ (¬٥)، عن ابن عُمر.
وهذا الأمرُ عندَهُم على النَّدبِ كما ذكرنا، ومِمّا يدُلُّ على أنَّهُ على النَّدبِ: حديثُ سُمَيٍّ، عن أبي صالح، عن أبي هُرَيرةَ، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "منِ اغتسلَ يومَ الجُمُعةِ غُسلَ الجَنابةِ ثُمَّ راحَ، فكأنَّما قَرَّب بَدَنةً" (¬٦).
وفي معنى حديثِ سُميٍّ في هذا الحديثِ، حديثُ أوس بن أوسٍ الثَّقفيِّ (¬٧)، وحديثُ عبدِ الله بن عَمْرِو بن العاص (¬٨)، وآثارٌ كثيرةٌ تدُلُّ على فضلِهِ وتندُبُ إليه.
---------------
(¬١) الاستذكار ٢/ ١٥.
(¬٢) في ر ١: "فاستحسنوها".
(¬٣) في ض، م: "المذكورة".
(¬٤) أخرجه مسلم (٨٤٤) (٢) مكرّرًا من طريق ابن شهاب، عن سالم، به. وقد سلف تخريجه.
وانظر: المسند الجامع ١٠/ ١٤١ (٧٣٣٨).
(¬٥) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ١٥٨ (٢٧٠).
(¬٦) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ١٥٦ (٢٦٦).
(¬٧) أخرجه عبد الرَّزّاق في المصنَّف ٣/ ٢٥٩ (٥٥٧٠)، وابن أبي شيبة (٥٠٢٨)، وأحمد في المسند ٢٦/ ٩٢ (١٦١٧٢)، وأبو داود (٣٤٥)، والترمذي (٤٩٦)، وابن ماجة (١٠٨٧)، والنسائي في الكبرى ٢/ ٢٦٨ (١٦٩٧) و (١٧٠٣) و (١٧٠٧) و (١٧١٩)، والطبراني في الكبير ١/ ٢١٥ (٥٨٧)، والحاكم في المستدرك ١/ ٢٨١، والبيهقي في الكبرى ٣/ ٢٢٧ و ٢٢٩، وبعضهم يزيد على بعض. وانظر: المسند الجامع ٣/ ٧٤ (١٦٧٨)، والمسند المصنف المعلل ٤/ ١٤ - ١٨ (١٨٩٩)، واقتصر الترمذي على تحسينه.
(¬٨) أخرجه أحمد ١١/ ٥٤٣ (٦٩٥٤)، والحاكم في المستدرك ١/ ٢٨٢، والبيهقي في السنن الكبرى ٣/ ٢٧٧.