كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 6)
يقولُ بقولِ زيدِ بنِ ثابِتٍ في هذه المسألة. ومن حُجَّتِهم أنَّ الاقْتِصارَ على الثُّلثِ في الوصيَّةِ إنَّما كان مِن أجلِ أن يَدَعَ ورَثَتَه أغْنِياءَ، وهذا لا وارثَ (¬١) له، فليس ممَّن عُنيَ بالحديثِ، واللهُ أعلم.
ذكر عبدُ الرزاقِ (¬٢)، عن مَعْمَر، عن أيوبَ، عن ابنِ سِيرينَ: أنَّ أبا موسى أجاز وصِيَّةَ امرأةٍ بمالها كلِّه لم يكنْ لها وارِثٌ.
وعن الثَّوريِّ (¬٣)، عن أبي إسحاقَ، عن أبي مَيْسَرَةَ، قال: قال لي ابنُ مسعودٍ: إنكم مِن أحْرَى (¬٤) حيٍّ بالكوفةِ أن يموتَ ولا يَدَعَ عَصَبةً ولا رَحمًا، فما يَمْنَعُه إذا كان ذلك أن يَضَعَ مالَه في الفقراءِ والمساكِين؟
وعن مَعْمَرٍ (¬٥)، عن أيوبَ، عن ابنِ سيرينَ، عن عَبِيد، قال: إذا مات الرجلُ وليس عليه عَقْدٌ لأحدٍ، ولا عَصَبةَ يَرثُونَه، فإنَّه يُوصي بمالِه كلِّه حيثُ شاء.
وعن ابنِ عيينةَ (¬٦)، عن إسماعيلَ بنِ أبي خالدٍ، عن الشعبيِّ، عن مسروقٍ مثلَه.
---------------
= ونقل الروايتين عن الإمام أحمد عبدُ الرحمن بن قدامة في الشرح الكبير ٦/ ٤٢٩، وابن مفلح في المبدع شرح المقنع ٥/ ٢٣٤، والمرداوي في الإنصاف ٧/ ١٩٢، قالوا: "فأمّا مَنْ لا وارثَ له فتجوز وصيَّتُه بجميع ماله، وعنه: لا يجوز إلا الثُّلث". قال المرداوي: هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب"، وقال: "وعنه: لا تجوز إلا بالثُّلث، نصَّ عليه في رواية ابن منصور".
(¬١) في ف ٢، ج: "ورثة"، والمثبت من الأصل.
(¬٢) في المصنَّف ٩/ ٦٨ (١٦٣٧٢). معمر: هو ابن راشد، وأيوب: هو السختيانيّ.
(¬٣) في المصنَّف ٩/ ٦٨ (١٦٣٧١). أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله الهمداني السَّبيعي. وأبو ميسرة: هو عمرو بن شرحبيل الهمدانيّ.
(¬٤) في الأصل: "أحرص"، والمثبت من بقية النسخ، وهو الموافق لما في المصنف.
(¬٥) المصنَّف لعبد الرزاق ٩/ ٦٨ (١٦٣٧٠). عَبيدة: هو السَّلمانيّ.
(¬٦) المصنَّف لعبد الرزاق ٩/ ٦٩ (١٦٣٧٣). الشعبي: هو عامر بن شراحيل. ومسروق: هو ابن الأجدع.