كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 6)

ثُمَّ جاء اللهُ بالخيرِ، ولبِسُوا غيرَ الصُّوفِ، وكُفُوُا العملَ، ووُسِّعَ مسجِدُهُم، وذهبَ بعضُ (¬١) الذي كان يُؤذي بعضُهُم بعضًا من العَرَق.
وحدَّثنا قاسمُ بن محمدٍ، قال: حدَّثنا خالدُ بن سعدٍ (¬٢)، قال: حدَّثنا أحمدُ بن عَمْرٍو، قال: حدَّثنا محمدُ بن سَنْجَر، قال: حدَّثنا خالدُ بن مَخْلَدٍ، قال: حدَّثني سُليمانُ بن بلال، قال: حدَّثني عَمْرُو بن أبي عَمرٍو، عن عِكْرِمةَ، عن ابنِ عبّاس، قال: الغُسلُ يومَ الجُمُعةِ ليس بواجِب، ومنِ اغتسلَ فهُو خيرٌ وأطهرُ. ثُمَّ قال: كان النّاسُ على عهدِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يَلْبَسُون الصُّوفَ، وكان المسجِدُ ضيِّقًا مُتقارِبَ السَّقفِ، فخرجَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم صائفٍ شديدِ الحرِّ، ومِنبرُهُ صغيرٌ، إنَّما هُو ثَلاثُ دَرَجات، فخطَبَ النّاسَ، فعَرِقَ النّاسُ في الصُّوفِ فصارَ يُؤذي بَعضُهُم بعضًا، حتّى بلَغَت أرواحُهُم رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وهُو على المِنْبرِ، فقال: "يا أيُّها النّاسُ، إذا كانَ هذا اليومُ فاغْتَسِلُوا، ولْيَمَسَّ أحدُكُم أطيبَ ما يجِدُ من طيبِه، أو دُهنِه" (¬٣).
وأبو سعيدٍ الخُدريُّ رَوى وُجُوبَ غُسلِ الجُمُعة (¬٤)، وقد رَوَينا عنهُ ما يدُلُّ على أنَّهُ ليس بواجِب.
وذكر عبدُ الرَّزّاق (¬٥)، عن عُمر (¬٦) بن راشِد، عن يحيى بن أبي كثير، عن
---------------
(¬١) هذه الكلمة سقطت من ر ١، ض.
(¬٢) في ض، م: "بن سعيد". خطأ، انظر: سير أعلام النبلاء ١٦/ ١٨ - ١٩.
(¬٣) أخرجه أحمد ٤/ ٢٤١ (٢٤١٩)، وعبد بن حميد (٥٩٠)، وابن خزيمة (١٧٥٥)، والحاكم في المستدرك ١/ ٢٨٠ - ٢٨١ من طرق عن سليمان بن بلال، به. وانظر: المسند الجامع ٨/ ٤٤٦ (٦٠٤٩)، وينظر قول البخاري في الطريق السابق.
(¬٤) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ١٥٨ (٢٦٩).
(¬٥) المصنَّف ٣/ ٢٠٠ (٥٣١٨).
(¬٦) في ض: "معمر" وهو خطأ، والمثبت من بقية النسخ ومصنَّف عبد الرزاق، وتاريخ البخاري الكبير ٦/ ١٥٥، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٦/ ١٠٨، وهو عمر بن راشد، أبو حفص اليمامي.

الصفحة 514