كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 6)

عن سَمُرةَ، وإن كان الحسنُ لم يَسْمع من سَمُرةَ - فيما يقولُون، إلّا حديثَ العَقِيقةِ - أحسنُها إسنادًا، وقد قِيلَ (¬١): إنَّهُ سمِعَ من سمُرةَ غيرَ حديثِ العَقِيقةِ، وإلى هذا ذهبَ البُخاريُّ.
وقولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "من توضَّأ يومَ الجُمُعةِ، فبها ونعْمَتْ، ومنِ اغتسَلَ فالغُسلُ أفضلُ" بيانٌ واضِحٌ على سُقُوطِ وُجُوبِهِ، وأنَّهُ فضيلةٌ وسُنّةٌ مُستحبَّة.
وكان الشّافِعيُّ (¬٢) يقولُ: إنَّهُ سُنَّةٌ، ويَحْتجُّ بحديثِ سَمُرةَ ومن تابعهُ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، في تفسيرِ وُجُوبِهِ، وبقولِ عائشةَ وما أشبههُ.
ومِن أثبتِ حديثٍ في سُقُوطِ غُسلِ الجُمُعةِ، وهُو حديثٌ لم يَخْتلِفُوا في صِحَّةِ إسناده: ما حدَّثناهُ عبدُ الله بن محمد، قال: حدَّثنا محمدُ بن بكر، قال: حدَّثنا أبو داود، قال (¬٣): حدَّثنا مُسدَّدٌ، قال: حدَّثنا أبو مُعاويةَ، عن الأعْمَشِ، عن أبي صالح، عن أبي هُريرةَ، قال: قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "من توضَّأ فأحسنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ أتَى الجُمُعةَ، واستمعَ وأنْصَتَ، غُفِر لهُ ما بين الجُمُعةِ إلى الجُمُعةِ، وزيادةُ ثلاثةِ أيّام، ومن مسَّ الحَصا فقد لَغا".
وذكر عبدُ الرَّزّاق (¬٤)، عن الثَّوريِّ، عن الأعمشِ، عن إبراهيمَ، قال: ما كانوا يَروْنَ غُسلًا واجِبًا إلّا غُسلَ الجَنابة، وكانوا يَسْتحِبُّون غُسلَ الجُمعة.
---------------
(¬١) في ض، م: "نقل".
(¬٢) الأم ١/ ٢٦٥، ومختصر المزني ٨/ ١٠٣، والاستذكار ٢/ ١٦.
(¬٣) في سننه (١٠٥٠)، وأخرجه أحمد ١٥/ ٢٩٢ (٩٤٨٤)، ومسلم (٨٥٧)، وابن ماجة (١٠٢٥، ١٠٩٠)، والترمذي (٤٩٨)، وابن خزيمة (١٧٥٦)، وابن حبان (١٢٣١) من طرق عن أبي معاوية، به.
(¬٤) في المصنَّف ١/ ١٨٠ (٧٠٢).

الصفحة 516