كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 6)

رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قدِم منكُم مكَّةَ، فطافَ بالبيتِ وبين الصَّفا والمروة، فقد حلَّ، إلّا من كان مَعهُ هديٌ". قال: فقَدِمنا مكَّه فطُفنا بالبيتِ، وبين الصَّفا والمروةِ، ثمَّ (¬١) حَلَلْنا. ثُمَّ قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "تمتَّعُوا من هذه النّسوان"، وفي حديث وَرْقاء: الاسْتِمتاعُ عندنا: التَّزويجُ.
وفي حديثِ عَبْدة: قالوا: يا رسُول الله، إنَّ العُزْبةَ قد شَقَّت علينا، قال: "فاستمتِعُوا من هذه النَّساءِ"، قال: فأتيناهُنَّ، فأبَيْنَ أن ينكِحنَنا، إلّا أن نجعلَ بَيْننا وبينَهُنَّ أجلًا، فذَكروا ذلك، قال: فخرَجْتُ أنا وصاحِبٌ لي - وفي حديثِ وَرْقاء: وهُو ابنُ عمٍّ لي - وهُو أسنُّ مِنِّي وأنا أشَبُّ منهُ، وعليَّ بُردٌ وعليه بُردٌ، وبردُهُ أمْثَلُ من بُردي. قال: فأتينا امرأةً من بني عامر، فعرَضَنا عليها النِّكاحَ، فنَظَرت إليَّ وإليهِ، فقالت: بُردٌ كبُردٍ، والشّابُّ أعجبُ إليَّ منهُ. قال: فتزوَّجتُها، فكان الأجلُ بيني وبينَها عَشْرًا - وفي حديثِ مَعْمر: فاخْتارتني، فتزوَّجتُها ثلاثًا ببُردي. ثُمَّ اتَّفقُوا - فبِتُّ معها تِلكَ اللّيلةَ، ثُمَّ غدوتُ إلى المسجِدِ، فإذا رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - - قال: وَرْقاءُ: قائمٌ بين الرُّكنِ والبابِ، وهُو يقولُ. وقال مَعْمرٌ: على المِنبرِ - يَخْطُبُ، فسمِعتُهُ يقولُ: "إنّا كُنّا أذِنّا لكُم في الاستِمْتاع من هذه النَّساءِ، فمن كان تزوَّجَ امرأةً إلى أجل، فليُخلِّ سَبِيلَها، وليُعطِها ما سمَّى لها، وليُفارِقْها (¬٢) ولا تأخُذُوا مِمّا آتيتُمُوهُنَّ شيئًا، فإنَّ الله قد حرَّمَها عليكُم إلى يوم القيامَةِ"، وفي حديثِ ورقاء: "فإنَّهُنَّ حرامٌ من حَرام الله، وقد حرَّمتُها إلى يوم القيامةِ".
قال أبو عُمر: وكان الحسنُ البصريُّ يقولُ: إنَّ هذه القِصَّة كانت في عُمرةِ القَضاءِ.
---------------
(¬١) في ض، م: "حتّى".
(¬٢) الأمر بالمفارقة سقط من ر ١، ض.

الصفحة 532