كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 6)

ذكر عبدُ الرَّزّاق (¬١)، عن مَعْمرٍ (¬٢)، عن الحسنِ، قال: ما حلَّتِ المُتْعةُ قطُّ إلّا ثلاثًا في عُمرةِ القضاءِ، ما حلَّت قبلَها ولا بعدَها.
قال أبو عُمر: لم أجِدْ هذا في حديثٍ مُسندٍ، إلّا من حديثِ ابنِ لَهيعةَ، حدَّثني أحمدُ بن قاسم، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبَغَ، قال: حدَّثنا الحارِثُ بن أبي أُسامةَ، قال: حدَّثنا إسحاقُ بن عيسى، قال: حدَّثنا ابنُ لَهيعةَ، قال: حدَّثنا الرَّبيعُ بن سَبْرةَ، قال: كُنتُ عندَ عُمر بن عبدِ العزيزِ وعِندهُ ابنُ شِهابٍ الزُّهْريُّ، فقال لي: كيفَ كان أمرُ أبيكَ في المُتعةِ؟ قال: قلتُ: سَمِعتُ أبي يقولُ: اعْتَمرنا معَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عُمرةً، فأذِنَ لنا في المُتْعةِ (¬٣) فخرجتُ أنا وابنُ عمِّي إلى مَكَّةَ، فرأينا امْرأةً، كأنَّها بكرةٌ عَيْطاءُ (¬٤)، فعَرَضنا عليها أنفُسنا ببُرْدَينا، وكُنتُ أشبَّ من ابنِ عمِّي، وكان بُردُ ابنِ عمِّي خيرًا من بُردي، فجعلت تنظُرُ إليَّ، فقال ابنُ عمِّي: إنَّ بُرْدي خيرٌ من بُردِهِ، فقالت: قد رَضِيناهُ على ما كان من بُردِهِ. فتمتَّعنا بهِنَّ ثلاث ليال، ثُمَّ إنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - زَجَرنا عنهُنَّ بعد ثالِثةٍ. قال: فقال عُمرُ بن عبدِ العزيزِ: ما سمِعتُ في المُتعةِ بحديثٍ هُو أثبتُ من هذا.
ورَوَى اللِّيثُ بن سعد، عن الرَّبيع بن سَبْرةَ الجُهنيِّ، عن أبيهِ، قال: رخَّصَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في المُتعةِ، فانطلقتُ أنا ورَجُلٌ إلى امرأةٍ من بني عامِرٍ، كأنَّها بكرةٌ عَيْطاءُ، فعرضنا عليها أنفُسنا، فقالت: ما تُعْطي؟ فقلتُ: رِدائي، وقال صاحِبي: رِدائي. وكُنتُ أشبَّ منهُ، فإذا نظرت إلى رِداءِ صاحِبي أعْجَبها، وإذا
---------------
(¬١) في المصنَّف ٧/ ٥٠٣ (١٤٠٤٠)، ووقع فيه: "عن معمر والحسن قالا"، وعَلَّق عليه شيخنا حبيب الرحمن يرحمه الله بقوله: "والصواب عندي: عن معمر، عن الحسن قال".
(¬٢) زاد هنا في م: "عن عمرو"، وهو خطأ بيّن.
(¬٣) في ض: "فأمرنا بالمتعة".
(¬٤) بكرة عَيْطاء: أي شابَّة طويلة العُنق في اعتدال. انظر: لسان العرب (عيط).

الصفحة 533