كتاب تاريخ ابن خلدون (اسم الجزء: 6)

وغساسة وهنين ووهران والجزائر وبجاية وبونة وتونس وسوسة والمهدية وصفاقس وقابس وطرابلس وسواحل برقة والإسكندرية.
هذا وصف هذا البحر الرومي الّذي هو حدّ المغرب من جهة الشمال. وأما حدّه من جهة القبلة والجنوب فالجبال المتهيلة الماثلة حجزا بين بلاد السودان وبلاد البربر.
وتعرف عند العرب الرحالة البادية بالعرق، وهذا العرق سياج على المغرب من جهة الجنوب مبتدئ من البحر المحيط وذاهب في جهة الشرق على سمت واحد إلى أن يعترضه النيل الهابط من الجنوب إلى مصر، فهنالك ينقطع وعرضه ثلاثة مراحل وأزيد. ويعترضه في جهة المغرب الأوسط أرض محجرة تسمى عند العرب الحمادة من دوين مصاب إلى بلاد دريغ، ووراءه من جهة الجنوب وبعض بلاد الجزيرة ذات نخيل، وأنها معدودة في جملة بلاد المغرب، مثل بلاد بودة وتمنطيت في قبلة المغرب الأقصى وتسابيت وتيكورارين في قبلة المغرب الأوسط وغذامس وفزان وودان في قبلة طرابلس. كل واحد من هذه إقليم يشتمل على بلدان عامرة ذات قرى ونخيل وأنهار، ينتهي عدد كل واحد منها إلى المائة فأكثر.
وإلى هذه العدوة الجنوبية من هذا العرق ينتهي في بعض السنين مجالات أهل الشام من صنهاجة ومتقلبهم الجائلون هناك إلى بلاد السودان. وفي العدوة الشمالية منه مجالات البادية من الأعراب الظواعن بالمغرب. وكانت قبلهم مجالات للبربر كما نذكره بعد هذا حدّ المغرب من جهة الجنوب، ومن دون هذا العرق سياج آخر على المغرب مما يلي التلول منه. وهي الجبال التي هي تخوم تلك التلول ممتدة من لدن البحر المحيط في القرب إلى برنيق من بلاد برقة. وهنالك تنقطع هذه الجبال ويسمى مبدؤها من المغرب جبال درن. وما بين هذه الجبال المحيطة بالتلول وبين العرق الّذي وصفناه آنفا بسائط وقفارا أكثر نباتها الشجر، وفيما يلي التلول منها، ويقاربها بلاد الجريد ذات نخل وأنهار.
ففي أرض السوس قبلة مراكش ترودانت والقرى قوبان [1] وغيرهما، بلاد ذات نخل وأنهار ومزارع متعددة عامرة. وفي قبلة فاس سجلماسة وقراها بلد معروف، ودرعة أيضا وهي معروفة وفي قبلة تلمسان قصور متعددة ذات نخل وأنهار. وفي قبلة تاهرت
__________
[1] وفي النسخة الباريسية: مويان وفي نسخة أخرى فوبان.

الصفحة 131