كتاب تاريخ ابن خلدون (اسم الجزء: 6)

القديم، ويسكنها لهذا العهد أمم أخرى من زناتة في قصور منتظمة إلى أعلى النهر يعرفون بوطاط [1] ويجاورهم هنالك، وفي سائر نواحيه أمم من البربر أشهر من فيهم بطالسة إخوة مكناسة. وينبع مع هذا النهر من فوهته نهر كبير ينحدر ذاهبا إلى القبلة مشرقا بعض الشيء، ويقطع العرق على سمته إلى أن ينتهي إلى البردة [2] ، ثم بعدها إلى تمطيت، ويسمى لهذا العهد كير وعليه قصورها. ثم يمر إلى أن يصب في القفار ويروغ في قفارها ويغور في رمالها، وهو موضع مقامه قصور ذات نخل تسمى وركلان [3] وفي شرق بوده مما وراء العرق قصور تسابيت من قصور الصحراء. وفي شرقي تسابيت إلى ما يلي الجنوب قصور تيكورارين تنتهي إلى ثلاثمائة أو أكثر في واد واحد، فينحدر من المغرب إلى المشرق، وفيها أمم من قبائل زناتة.
وأما المغرب الأوسط فهو في الأغلب ديار زناتة كان لمغراوة وبني يفرن. وكان معهم مديونة ومغيلة وكومية ومطغرة ومطماطة. ثم صار من بعدهم لبني وماتوا وبني يلومي.
ثم صار لبني عبد الواد وتوجين من بني مادين وقاعدته لهذا العهد تلمسان، وهي دار ملكه ويجاوره من جهة المشرق بلاد صنهاجة من الجزائر ومتيجة والمرية وما يليها إلى بجاية، وقبائله كلهم لهذا العهد مغلوبون للعرب من زغبة. ويمر في وادي شلف بني وأطيل النهر الأعظم منبعه من بلد راشد في بلاد الصحراء. ويدخل إلى التل من بلاد حصين لهذا العهد. ثم يمر مغربا ويجتمع فيه سائر أودية المغرب الأوسط مثل مينا وغيره إلى أن يصب في البحر الرومي ما بين كلمتين [4] ومستغانم. وينبع من فوهته نهر آخر يذهب مشرقا من جبل راشد، ويمر بالزاب إلى أن يصب في سبخة ما بين توزر ونفزاوة معروفة هنالك، ويسمى هذا النهر وادي شدي.
وأما بلاد بجاية وقسنطينة فهي دار زواوة وكتامة ومحيسة [5] وهوارة، وهي اليوم ديار للعرب إلا ممتنع الجبال، وفيها بقاياهم. وأما إفريقية كلها إلى طرابلس فبسائط فتح [6]
__________
[1] وفي النسخة الباريسية: وطاطا.
[2] وفي نسخة أخرى بودة، ولعلها بورة: مدينة على ساحل بحر مصر قرب دمياط، تنسب إليها العمائم البورية والسمك البوري (معجم البلدان) .
[3] وفي النسخة التونسية: ركان.
[4] وفي نسخة أخرى كلميتوا.
[5] وفي نسخة أخرى عجيسة وكذلك في قبائل المغرب/ 302- 336.
[6] وفي نسخة أخرى: فيح.

الصفحة 134