كتاب تاريخ ابن خلدون (اسم الجزء: 6)

احتيال غرّتها وانتهاز الفرصة فيها. فتعاقدوا على ذلك واجتوروا وأقامت زغبة في القفار وبنو بادين بالتلول والضواحي. ثم فرّ مسعود بن سلطان بن زمام أمير الرياحيّين من بلاد الهبط، ولحق ببلاد طرابلس ونزل على زغبة وذياب من قبائل بني سليم. ووصل إلى قراقش بن رياح وحصر معه طرابلس حين افتتحها، وهلك هنالك، وقام إلى الميروني ولحق ولقيه بالحملة فهزمه [1] وقتل الكثير من قومه.
وانهزمت طائفة من قوم محمد بن مسعود منهم: ابنه عبد الله وابن عمه حركات بن أبي الشيخ بن عساكر بن سلطان، وشيخ من شيوخ قرّة، فضرب أعناقهم. وفرّ يحيى بن غانية إلى مسقطه من الصحراء. واستمرّت على ذلك أحوال هذه القبائل من هلال وسليم واتباعها. ونحن الآن نذكر أخبارهم ومصائر أمورهم ونعدّدهم فرقة فرقة، ونخصّ منهم بالذكر من كان لهذا العهد بحية وناجعته، ونطوي ذكر من انقرض منهم، ونبدأ بذكر الأثبج لتقدّم رياستهم أيام صنهاجة كما ذكرناه. ثم نقفي بذكر جشم لأنهم معدودون فيهم. ثم نذكر رياحا وزغبة، ثم المعقل لأنهم من أعداء هلال. ثم نأتي بعدهم بذكر سليم لأنهم جاءوا من بعدهم وللَّه الخلاق القديم.
(الخبر عن الأثبج وبطونهم من هلال بن عامر من هذه الطبقة الرابعة)
كان هؤلاء الأثبج من الهلاليين أوفر عددا وأكثر بطونا وكان التقدّم لهم في جملتهم.
وكان منهم الضحاك وعياض ومقدم والعاصم والطيف ودريد وكرفة وغيرهم حسبما يظهر في نسبهم. وفي دريد بطنان توبة وعنز، ويقولون بزعمهم إن أثبج هو ابن ربيعة ابن نهيك بن هلال. فكرفة هو ابن الأثبج. وكان لهم جمع وقوّة، وكانوا أحياء غزيرة [2] من جملة الهلاليين الداخلين لإفريقية، وكانت مواطنهم حيال جبل أوراس
__________
[1] يستعجب القارئ من التحريف في الأسماء والتشويش في المعنى وفي النسخة التونسية: وهلك هنالك.
وقام بأمره في قومه ابنه محمد، ولما استبد ابو محمد عبد الواحد بن أبي حفص بولاية افريقية، زحف الى الميورقي ولقيه بالحمة فهزمه.
[2] وفي النسخة التونسية: عزيزة.

الصفحة 30