كتاب تاريخ ابن خلدون (اسم الجزء: 6)

الأغاني وقال: إنما سموا الخضر لسوادهم، والعرب تسمي الأسود أخضر. قال:
وكان مالك شديد السمرة فأشبهه ولده. ورياستهم في أولاد تامر بن علي بن تمام بن عمار بن خضر بن عامر بن رياح، واختصت مرين بأولاد تامر ولد عامر بن صالح بن عامر بن عطية بن تامر. وفيهم بطن آخر لزيادة بن تمام بن عمار. وفي رياح أيضا بطن من عنزة بن أسد بن ربيعة من نزار، ويظعنون مع باديتهم.
(وأما من نزل من رياح) ببلاد الهبط حيث أنزلهم المنصور، فأقاموا هنالك بعد رحلة رئيسهم مسعود بن زمام [1] بتلك المواطن إلى أن انقرضت دولة الموحدين. وكان عثمان بن نصر رئيسهم أيام المأمون وقتله سنة ثلاثين وستمائة. ولما تغلب بنو مرين على ضواحي المغرب الموحدون على رياح هؤلاء البعث مع عساكرهم، فقاموا بحماية ضواحيهم وتحيز لهم بنو عسكر بن محمد بن محمد من بني مرين حين كانوا حربا لإخوانهم بني حمامة بن محمد، سلف الملوك منهم لهذا العهد، فكانت بين الفريقين جولة قتل فيها عبد الحق بن مجيد [2] بن أبي بكر بن جماعة أبو الملك وابنه إدريس، فأوجدوا السبيل لبني مرين على أنفسهم في طلب الترة والدماء، فأثخنوا فيهم واستلحموهم قتلا وسبيا مرة بعد أخرى.
وكان آخر من أوقع بهم السلطان أبو ثابت عامر بن يوسف بن يعقوب سنة سبع وسبعمائة تتبعهم بالقتل إلى أن لحقوا برءوس الهضاب وأسنمة الربى المتوسطة في المرج المستبحر باز غار فصاروا إلى عدد قليل، ولحقوا بالقبائل الغارمة. ثم دثروا وتلاشوا شأن كل أمة والله وارث الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين لا رب غيره ولا معبود سواه، وهو نعم المولى ونعم النصير، عليه توكلنا واليه أنبنا وإليه المصير، نسأله سبحانه وتعالى من فيض فضله العميم، ونتوسل إليه بجاه نبيه الكريم، أن يرزقنا إيمانا دائما، وقلبا خاشعا، وعلما نافعا، ويقينا صادقا، ودينا قيما والعافية من كل بلية، وتمام العافية، ودوام العافية، والشكر على العافية، والغنى عن الناس، وأن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأن يجيرنا من خزي الدنيا، وعذاب الآخرة، وأن يرزقنا من فضله وكرمه، إيمانا لا يرتد، ونعيما لا ينفد، وقرة عين لا تنقطع، ومرافقة نبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في أعلى جنان الخلد بمنه وكرمه، إنه على ما
__________
[1] وفي نسخة ثانية: زنان.
[2] وفي نسخة ثانية: محيو.

الصفحة 49