كتاب تاريخ ابن خلدون (اسم الجزء: 6)

ابن عبد الرحمن بن يحيى بن يغمراسن الدائل بتلمسان بعد واقعة القيروان أعوام خمسين وسبعمائة، فكان له ولقومه فيها مكان. ولحق سويد وبنو يعقوب بالمغرب حتى جاءوا في مقدمة السلطان أبي عنان.
ولما هلك بنو عبد الواد وافترق جمعهم فرّ صغير إلى الصحراء على عادته، وأقام بالقفر يترقب الخوارج، ولحق به أكثر قومه من بني معرف بن سعيد فأجلب بهم على كل ناحية وخالف أولاد حسين بالمعقل على السلطان أبي عنان أعوام خمسة وخمسين وسبعمائة وما بعدها ونازلوا سجلماسة فكاثرهم وكان معهم، وأوقعت بهم عساكر بني مرين في بعض سني خلائهم وهم بنكور يمتارون فاكتسحوا عامة أموالهم وأثخنوا فيهم قتلا وأسرا. ولم يزالوا كذلك شريدا في الصحراء، وسويد وبنو يعقوب بمكانهم من المجالات، وفي خطهم عند السلطان حتى هلك السلطان أبو عنان وجاء أبو حمو موسى بن يوسف أخو السلطان أبي سعيد عثمان بن عبد الرحمن لطلب ملك قومه بتلمسان، وكان مستقرّا بتونس منذ غلبهم أبو علي على أمرهم، فرحل مقير إلى وطن الزواودة، ونزل على يعقوب بن علي أزمان خلافه على السلطان أبي عنان، وداخله في استخلاص أبي حمو هذا من إيالة الموحدين للإجلاب على وطن تلمسان وبني مرين الذين به، فأرسلوا معه الآلة. ومضى به مقير وصولة بن يعقوب بن علي وزيان ابن عثمان بن سباع وشبل ابن أخيه ملوك بني عثمان. ومن بادية رياح دعار بن عيسى ابن رحاب بقومه من سعيد، وبلغوا معهم إلى تخوم بلادهم فرجع عنهم رياح إلا دعار بن عيسى وشبل بن ملّوك، ومضوا لوجههم. ولقيتهم جموع سويد، وكان الغلب لبني عامر. وقتل يومئذ شيخ سويد بن عيسى بن عريف وأسر أخوه أبو بكر.
ثم من عليه علي بن عمر بن إبراهيم وأطلقه. ولم يتصل الخبر بفاس إلا والناس منصرفون من جنازة السلطان أبي عنان. ثم أجلب أبو حمو بالمغرب على تلمسان فأخذها وغلب عساكر بني مرين عليها، واستوسق ملكه بها. ثم هلك مقير لسنتين أو نحوهما حمل نفسه في جولة فتنة في الحي يروم تسكينها على بعض الفرسان، فاعترضه سنان رمح على غير قصد فأنفذه وهلك لوقته. وولي رياستهم من بعده أخوه خالد بن عامر يرادفه عبد الله ابن أخيه مقير. وخلصت زغبة كلها للسلطان أبي حمو فأساء بني مرين لما كان بينهم من الفتنة واستخدمهم جميعا على مضاربهم وعوائدهم من سويد وبني يعقوب والد يالم والعطاف، حتى إذا كانت فتنة أبي زيان ابن السلطان أبي

الصفحة 71