كتاب تاريخ ابن خلدون (اسم الجزء: 6)

ابن عامر وقومه بالقفر. ولحق ساسي بن سليم بيعقوب بن علي وقومه من الزواودة.
ثم راجعوا جميعا خدمة السلطان وأوفدوا عليه فأمنهم، وقدموا عليه وأظهروا البر والرحب بالمسعود وساسي، وطوى لهم على السوء. ثم داخل بطانة من بني عامر وسويد في نكبتهم، فأجابوه ومكر بهم، وبعث ابنه أبا تاشفين لقبض الصدقات من قومهم حتى اجتمع له ما أراد من الجموع، فتقبض على المسعود وعشرة من إخوانه بني عامر بن إبراهيم. ونهض أبو تاشفين والعرب جميعا إلى أحياء بني يعقوب وكانوا بسيرات، وقد أرصد لهم سويد بوادي مينا فصبحهم بنو عامر بمكانهم واكتسحوهم. وصار فلهم إلى الصحراء، فاعترضهم أبو تاشفين ببني راشد فلم يبق لهم باقية، ونجا ساسي بن سليم إلى الصحراء في فل قليل من قومه، ونزل على النضر ابن عروة، واستبد برياسة بني عامر سليمان بن إبراهيم بن يعقوب عم مقير ورديفه عبد الله بن عسكر بن معرف بن يعقوب، وهو أقرب مكانا من السلطان وخلعه.
ثم بعث صاحب المغرب السلطان أبو العباس أحمد بن الولي أبا سالم بالشفاعة في المسعود وإخوانه بوسيلة من ونزمار بن عريف بعد أن كان مداخلا لأبي حمو ولإخوانه في نكبتهم، فأطلقهم أبو حمو بتلك الشفاعة، فعادوا إلى الخلاف، وخرجوا إلى الصحراء، واجتمع إليهم الكثير من أولاد إبراهيم بن يعقوب. واجتمع أيضا فل بني يعقوب من مطارحهم إلى شيخهم ساسي بن سليم ونزلوا جميعا مع عروة. وأوفد إخوانه على السلطان أبي العباس صاحب إفريقية لهذا العهد منتدبا به وصريخا على عدوه فتلقاه من البر والإحسان ما يناسبه، وأفاض في وفده العطاء وصرفه بالوعد الجميل.
وشعر بذلك أبو حمو فبعث من عيونه من اغتاله ووفد بعدها على السلطان أبي العباس صاحب إفريقية علي بن عمر بن إبراهيم، وهو ابن عم خالد بن محمد وكبير النفر المخالفين من بني عامر على أبي حمو. ووفد معه سليمان بن شعيب بن عامر فوفدوا عليه بتونس يطلبون صريخه، فأجابهم ووعدهم وأحسب الإحسان والمبرة أمامهم، ورجعوا إلى قومهم. ثم راجع علي بن عمر خدمة أبي حمو وقدمه على بني عامر، وأدال به من سليمان بن إبراهيم بن عامر، فخرج سليمان إلى أهل بيته من ولد عامر بن إبراهيم الذين بالصحراء ونزلوا مع بني يعقوب بأحياء أبي بكر بن عريف، وهو على ذلك لهذا العهد. والله مقدر الليل والنهار أهـ
.

الصفحة 73