كتاب تاريخ ابن خلدون (اسم الجزء: 6)

(ذوي حسان عرب السوس)
وأمّا بنو مختار بن محمد فهم كما قدّمناه: ذوي حسان والشبانات والرقيطات. ومنهم أيضا الجياهنة وأولاد أبو رية [1] ، وكانت مواطنهم بنواحي ملوية إلى مصبه في البحر مع إخوانهم ذوي منصور وعبيد الله إلى أن استصرخهم علي بن يدر الزكندري صاحب السوس من بعد الموحدين. ونسبه ابن عمه في عرب الفتح. وكانت بينه وبين كزولة الظواعن ببسائط السوس. وجباله فتنة طويلة استصرخ لها بني مختار هؤلاء فصارخوه وارتحلوا إليه بظعونهم، وحمدوا مواطن السوس لعدم المزاحم من الظواعن فيها فأوطنوها. وصارت مجالاتهم بقفرها وغلبوا كزولة وأصاروهم في جملتهم ومن ظعونهم وغلبوا على القصور التي بتلك المواطن في سوس ونول. ووضعوا عليها الأتاوات مثل تارودانت من سوس، وهي ضفّة وادي سوس حيث يهبط من الجبل، وبين مصبه ومصب وادي ماسة حيث الرباط المشهور مرحلة إلى القبلة.
ومن هناك إلى زوايا أولاد بني نعمان مرحلة أخرى في القبلة على سائر البحر، وتواصت على وادي نول حيث يدفع من جبل نكيسة غربا، وبينها وبين إيفري مرحلة، والعرب لا يغلبونها وإنما يغلبون على البسائط في نواحيها. وكانت هذه المواطن لعهد الموحّدين من جملة ممالكهم وأوسع عمالاتهم. فلما انقرض أمر الموحدين حجبت عن ظل الدولة وخرجت عن إيالة السلطان إلا ما كان بها لبني يدر هؤلاء الذين قدّمنا ذكرهم. وكان علي بن يدر مالكا لقصورها، وكان له من الجند نحو ألف فارس، وولي من بعده عبد الرحمن بن الحسن بن يدر، وبعده أخوه علي بن الحسن.
وكان لعبد الرحمن معهم حروب وفتن بعد استظهاره بهم، وهزموه مرّات متتابعة أعوام خمس وسبعمائة وما بعده، وغدر هو بمشيختهم وقتلهم بتارودانت سنة ثمان وسبعمائة من بعد ذلك. وكان لبني مرين على هؤلاء المعقل السوس وقائع وأيام، وظهر يعقوب بن عبد الحق ببني مرين في بعضها الشبانات على بني حسان واستلحم منهم عددا، وحاصرهم يوسف بن يعقوب بعدها فأمسكوها وأغرمهم ثمانية عشر
__________
[1] وفي نسخة أخرى: أولاد برية

الصفحة 91