كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)

يَكُونَ لَمْ يَحْضُرْ مَعَ الْجَيْشِ فَمَرْدُودٌ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ لَمْ يُبَاشِرِ الْقِتَالَ فَيُمْكِنُ فَإِنَّهُ كَانَ أَمِيرَ ذَلِكَ الْجَيْشِ بِالِاتِّفَاقِ وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَدِينَةِ قَيْصَرَ الْمَدِينَةُ الَّتِي كَانَ بِهَا يَوْمَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ الْمَقَالَةَ وَهِيَ حِمْصُ وَكَانَتْ دَارَ مَمْلَكَتِهِ إِذْ ذَاكَ وَهَذَا يَنْدَفِعُ بِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الَّذِينَ يَغْزُونَ الْبَحْرَ قَبْلَ ذَلِكَ وَأَنَّ أُمَّ حَرَامٍ فِيهِمْ وَحِمْصُ كَانَتْ قَدْ فُتِحَتْ قَبْلَ الْغَزْوَةِ الَّتِي كَانَتْ فِيهَا أُمُّ حَرَامٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قُلْتُ وَكَانَتْ غَزْوَةُ يَزِيدَ الْمَذْكُورَةُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَفِي تِلْكَ الْغُزَاة مَاتَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ فَأَوْصَى أَنْ يُدْفَنَ عِنْدَ بَابِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ وَأَنْ يُعْفَى قَبْرُهُ فَفُعِلَ بِهِ ذَلِكَ فَيُقَالُ إِنَّ الرُّومَ صَارُوا بَعْدَ ذَلِكَ يَسْتَسْقُونَ بِهِ وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا التَّرْغِيبُ فِي سُكْنَى الشَّامِ وَقَوْلُهُ قَدْ أَوْجَبُوا أَيْ فعلوا فعلا وَجَبت لَهُم بِهِ الْجنَّة

(قَوْلُهُ بَابُ قِتَالِ الْيَهُودِ)
ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَيِ بن عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ وَهُوَ إِخْبَارٌ بِمَا يَقَعُ فِي مُسْتَقْبَلِ الزَّمَانِ

[2925] قَوْلُهُ الْفَرَوِيُّ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالرَّاءِ مَنْسُوبٌ إِلَى جَدِّهِ أَبِي فَرْوَةَ وَإِسْحَاقُ هَذَا غَيْرُ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ الضَّعِيفِ وَهُوَ أَعْنِي إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَمُّ وَالِدِ هَذَا وَإِسْحَاقُ هَذَا رُبَّمَا رَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ بِوَاسِطَةٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا حَدَّثَ بِهِ مَالِكٌ خَارِجَ الْمُوَطَّإِ وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ إِسْحَاقُ الْمَذْكُورُ بَلْ تَابعه بن وَهْبٍ وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى وَسَعِيدُ بْنُ دَاوُدَ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَخْرَجَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالك وَأخرج الْإِسْمَاعِيلِيّ طَرِيق بن وَهْبٍ فَقَطْ قَوْلُهُ تُقَاتِلُونَ فِيهِ جَوَازُ مُخَاطَبَةِ الشَّخْص وَالْمرَاد غَيره مِمَّن يَقُول بقوله وَيَعْتَقِدُ اعْتِقَادَهُ لِأَنَّهُ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْوَقْتَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ تُقَاتِلُونَ مُخَاطَبَةَ الْمُسْلِمِينَ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الْخِطَابَ الشِّفَاهِيَّ يَعُمُّ الْمُخَاطَبِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ وَإِنَّمَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِيهِ فِي حُكْمِ الْغَائِبِينَ هَلْ وَقَعَ بِتِلْكَ الْمُخَاطَبَةِ نَفْسِهَا أَوْ بِطَرِيقِ الْإِلْحَاقِ وَهَذَا الْحَدِيثُ يُؤَيِّدُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى الْأَوَّلِ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى بَقَاءِ دِينِ الْإِسْلَامِ إِلَى أَنْ يَنْزِلَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّهُ الَّذِي يُقَاتِلُ الدَّجَّالَ وَيَسْتَأْصِلُ الْيَهُودَ الَّذِينَ هُمْ تَبَعُ الدَّجَّالِ عَلَى مَا وَرَدَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا مُسْتَوْفًى فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

الصفحة 103