كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)

فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي قَوْلُهُ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ هُوَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَكَأَنَّهُ لَمَّا حَدَّثَ سُفْيَانُ بِهَذَا الْحَدِيثِ كَانَ نَسِيَ السَّابِعَ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ قَالَ يُوسُفُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ وَقَالَ شُعْبَةُ أُمَيَّةُ أَوْ أُبَيُّ وَالصَّحِيحُ أُمَيَّةُ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ حَدَّثَ بِهِ مَرَّةً فَقَالَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ وَهَذِهِ رِوَايَةُ سُفْيَانَ وَهُوَ الثَّوْرِيُّ هُنَا وَحَدَّثَ بِهِ أُخْرَى فَقَالَ أُمَيَّةُ وَهِيَ رِوَايَةُ شُعْبَةَ وَحَدَّثَ بِهِ أُخْرَى فَشَكَّ فِيهِ ويوسف الْمَذْكُور هُوَ بن إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ نَسَبَهُ إِلَى جَدِّهِ وَقَدْ وَصَلَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَهُ بِطُولِهِ فِي الطَّهَارَةِ وَطَرِيقُ شُعْبَةَ وَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ أَيْضًا فِي كِتَابِ الْمَبْعَثِ وَقَدْ بَيَّنْتُ فِي الطَّهَارَةِ أَنَّ إِسْرَائِيلَ رَوَى عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ فَسَمَّى السَّابِعَ وَذَكَرْتُ مَا فِيهِ مِنَ الْبَحْثِ خَامِسُهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ الْيَهُودِ وَفِيهِ فَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ فِي آخِرِهِ يُسْتَجَابُ لَنَا فِيهِمْ وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِينَا وَقَدْ ذَكَرَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ هُنَا مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الدُّعَاءِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَلَوْ خَشِيَ الدَّاعِي أَنَّهُمْ يَدْعُونَ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

(قَوْلُهُ بَابُ هَلْ يُرْشِدُ الْمُسْلِمُ أَهْلَ الْكِتَابِ أَوْ يُعَلِّمَهُمُ الْكِتَابَ)
الْمُرَادُ بِالْكِتَابِ الْأَوَّلِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ وَبِالْكِتَابِ الثَّانِي مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهُمَا وَمِنَ الْقُرْآنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَأَوْرَدَ فِيهِ طَرَفًا من حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي شَأْنِ هِرَقْلَ وَقَدْ ذَكَرَهُ بَعْدَ بَابَيْنِ من وَجه آخر عَن بن شهَاب بِطُولِهِ وَإِسْحَاق شَيْخه فِيهِ هُوَ بن مَنْصُورٍ وَهَذِهِ الطَّرِيقُ أَهْمَلَهَا الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ وَإِرْشَادُهُمْ مِنْهُ ظَاهِرٌ وَأَمَّا تَعْلِيمُهُمُ الْكِتَابَ فَكَأَنَّهُ اسْتَنْبَطَهُ مَنْ كَوْنِهِ كَتَبَ إِلَيْهِمْ بَعْضَ الْقُرْآنِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَكَأَنَّهُ سَلَّطَهُمْ عَلَى تَعْلِيمِهِ إِذْ لَا يَقْرَءُونَهُ حَتَّى يُتَرْجَمَ لَهُمْ وَلَا يُتَرْجَمُ لَهُمْ حَتَّى يَعْرِفَ الْمُتَرْجِمُ كَيْفِيَّةَ اسْتِخْرَاجِهِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ السَّلَفُ فَمَنَعَ مَالِكٌ مِنْ تَعْلِيمِ الْكَافِرِ الْقُرْآنَ وَرَخَّصَ أَبُو حَنِيفَةَ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الرَّاجِحَ التَّفْصِيلُ بَيْنَ مَنْ يُرْجَى مِنْهُ الرَّغْبَةُ فِي الدِّينِ وَالدُّخُولُ فِيهِ مَعَ الْأَمْنِ مِنْهُ أَنْ يَتَسَلَّطَ بِذَلِكَ إِلَى الطَّعْنِ فِيهِ وَبَيْنَ مَنْ يَتَحَقَّقُ أَن ذَلِك لَا ينجع فِيهِ أَوْ يَظُنُّ أَنَّهُ يَتَوَصَّلُ بِذَلِكَ إِلَى الطَّعْنِ فِي الدِّينِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بَيْنَ الْقَلِيلِ مِنْهُ وَالْكَثِيرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَائِل كتاب الْحيض

الصفحة 107