كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)

(قَوْلُهُ بَابُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ إِلَى الْإِسْلَامِ وَالنُّبُوَّةِ وَأَنْ لَا يَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ)
اللَّهِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ الله الْكتاب الْآيَة أورد فِيهِ أَحَادِيث أَحدهَا حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَيْصَرَ وَفِيهِ حَدِيثٌ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ بِطُولِهِ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا تَرْجَمَ بِهِ وَيَأْتِي شَيْءٌ مِنَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى مَا كَانَ لِبَشَرٍ فَالْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ الْإِنْكَارُ عَلَى مَنْ قَالَ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ الله وَمثلهَا قَوْله تَعَالَى يَا عِيسَى بن مَرْيَم أَأَنْت قلت للنَّاس الْآيَةَ وَقَوْلُهُ تَعَالَى اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا من دون الله الْآيَة ثَانِيهَا حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي إِعْطَاءِ عَلِيٍّ الرَّايَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي الْمَغَازِي وَالْغَرَضُ مِنْهُ

[2942] قَوْلُهُ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ ثَالِثُهَا حَدِيثُ أَنَسٍ فِي تَرْكِ الْإِغَارَةِ عَلَى مَنْ سَمِعَ مِنْهُمُ الْأَذَانَ ذَكَرَهُ مِنْ وَجْهَيْن وَسَيَأْتِي وَشَرحه فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ أَيْضًا وَهُوَ دَالٌّ عَلَى جَوَازِ قِتَالِ مَنْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ بِغَيْرِ دَعْوَةٍ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ سَهْلٍ الَّذِي قَبْلَهُ بِأَنَّ الدَّعْوَةَ مُسْتَحَبَّةٌ لَا شَرْطٌ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى الْحُكْمِ بِالدَّلِيلِ لِكَوْنِهِ كَفَّ عَنِ الْقِتَالِ بِمُجَرَّدِ سَمَاعِ الْأَذَانِ وَفِيهِ الْأَخْذُ بِالْأَحْوَطِ فِي أَمْرِ الدُّعَاءِ لِأَنَّهُ كَفَّ عَنْهُمْ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ ذَاكَ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَوَقَعَ هُنَا فَلَمَّا أَصْبَحَ خَرَجَتْ يَهُودُ خَيْبَرَ بِمَسَاحِيهِمْ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلِمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَأَتَيْنَاهُمْ حِينَ بَزَغَتِ الشَّمْسُ وَيُجْمِعُ بِأَنَّهُمْ وَصَلُوا أَوَّلَ الْبَلَدِ عِنْدَ الصُّبْحِ فَنَزَلُوا فَصَلُّوا فَتَوَجَّهُوا وَأَجْرَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسَهُ حِينَئِذٍ فِي زُقَاقِ خَيْبَرَ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَوَصَلَ فِي آخِرِ الزُّقَاقِ إِلَى أول الْحُصُون حِين بزغت الشَّمْس رَابِعُهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الحَدِيث وَهُوَ ظَاهر فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ أَوَّلًا حَيْثُ قَالَ وَعَلَامَ تُقَاتِلُونَ وَقَدْ مَضَى شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ بن عمر لَكِن فِي حَدِيث بن عُمَرَ زِيَادَةُ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَقَدْ وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ بِذَلِكَ زَائِدًا بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي حَدِيثِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عِنْدَ مُسْلِمٍ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رسُولُ الله وَفِي حَدِيث بن عُمَرَ مَا ذَكَرْتُ وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَاضِي فِي أَبْوَابِ الْقِبْلَةِ فَإِذَا صَلَّوْا وَاسْتَقْبَلُوا وَأَكَلُوا ذَبِيحَتَنَا قَالَ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ أَمَّا الْأَوَّلُ فَقَالَهُ فِي حَالَةِ قِتَالِهِ لِأَهْلِ الْأَوْثَانِ الَّذِينَ لَا يُقِرُّونَ بِالتَّوْحِيدِ وَأَمَّا الثَّانِي فَقَالَهُ فِي حَالَةِ قِتَالِ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ يَعْتَرِفُونَ بِالتَّوْحِيدِ وَيَجْحَدُونَ نُبُوَّتَهُ عُمُومًا أَوْ خُصُوصًا وَأَمَّا الثَّالِثُ فَفِيهِ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ مَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ وَشَهِدَ بِالتَّوْحِيدِ وَبِالنُّبُوَّةِ وَلَمْ يَعْمَلْ بِالطَّاعَاتِ أَنَّ حُكْمَهُمْ أَنْ يُقَاتَلُوا حَتَّى يُذْعِنُوا إِلَى ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي أَبْوَاب الْقبْلَة

[2946] قَوْله رَوَاهُ عمر وبن عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَمَّا رِوَايَةُ عُمَرَ فَوَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي الزَّكَاةِ وَأَمَّا رِوَايَةُ بن عمر فوصلها الْمُؤلف فِي الْإِيمَان

الصفحة 112