كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)

تَزُولَ الشَّمْسُ وَتَهُبَّ الْأَرْوَاحُ وَيَنْزِلَ النَّصْرُ فَيَظْهَرُ أَنَّ فَائِدَةَ التَّأْخِيرِ لِكَوْنِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ مَظِنَّةَ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ وَهُبُوبُ الرِّيحِ قَدْ وَقَعَ النَّصْرُ بِهِ فِي الْأَحْزَابِ فَصَارَ مَظِنَّةً لِذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ لَكِنْ فِيهِ انْقِطَاعٌ وَلَفْظُهُ يُوَافِقُ مَا قُلْتُهُ قَالَ غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ أَمْسَكَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَإِذَا طَلَعَتْ قَاتَلَ فَإِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ أَمْسَكَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ قَاتَلَ فَإِذَا دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ أَمْسَكَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا ثُمَّ يُقَاتِلَ وَكَانَ يُقَالُ عِنْدَ ذَلِكَ تَهِيجُ رِيَاحُ النَّصْرِ وَيَدْعُو الْمُؤْمِنُونَ لِجُيُوشِهِمْ فِي صَلَاتِهِمْ تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ زِيَادَةٌ فِي الدُّعَاءِ وَسَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا فِي بَابِ لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ مَعَ بَقِيَّةِ الْكَلَامِ عَلَى شَرْحِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

(قَوْلُهُ بَابُ اسْتِئْذَانِ الرَّجُلِ)
أَيْ مِنَ الرَّعِيَّةِ الْإِمَامَ أَيْ فِي الرُّجُوعِ أَوِ التَّخَلُّفِ عَنِ الْخُرُوجِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ قَوْلُهُ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ قَالَ بن التِّينِ هَذِهِ الْآيَةُ احْتَجَّ بِهَا الْحَسَنُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَذْهَبَ مِنَ الْعَسْكَرِ حَتَّى يَسْتَأْذِنَ الْأَمِيرَ وَهَذَا عِنْدَ سَائِرِ الْفُقَهَاءِ كَانَ خَاصًّا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا قَالَ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْخُصُوصِيَّةَ فِي عُمُومِ وُجُوبِ الِاسْتِئْذَانِ وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ مِمَّنْ عَيَّنَهُ الْإِمَامُ فَطَرَأَ لَهُ مَا يَقْتَضِي التَّخَلُّفَ أَوِ الرُّجُوعَ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى الِاسْتِئْذَانِ ثُمَّ أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ

الصفحة 121