كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)

رَأس المغزى أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُ وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَن بن عُمَرَ إِذَا بَلَغْتَ وَادِيَ الْقُرَى فَشَأْنَكَ بِهِ أَيْ تَصَرَّفْ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ وَالثَّوْرِيِّ وَوَجْهُ دُخُولِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالرُّكْنِ الثَّانِي مِنَ التَّرْجَمَةِ وَهُوَ الْحُمْلَانُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا وَلَا أَجِدُ مَا أحملهم عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ بَابُ الْأَجِيرِ لِلْأَجِيرِ فِي الْغَزْوِ)
حَالَانِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ اسْتُؤْجِرَ لِلْخِدْمَةِ أَوِ اسْتُؤْجِرَ لِيُقَاتِلَ فَالْأَوَّلُ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ لَا يُسْهَمُ لَهُ وَقَالَ الْأَكْثَرُ يُسْهَمُ لَهُ لِحَدِيثِ سَلَمَةَ كُنْتُ أَجِيرًا لِطِلْحَةَ أَسُوسُ فَرَسَهُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَفِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْهَمَ لَهُ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا يُسْهَمُ لِلْأَجِيرِ إِلَّا إِنْ قَاتَلَ وَأَمَّا الْأَجِيرُ إِذَا اسْتُؤْجِرَ لِيُقَاتِلَ فَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ لَا يُسْهَمُ لَهُ وَقَالَ الْأَكْثَرُ لَهُ سَهْمُهُ وَقَالَ أَحْمَدُ وَاسْتَأْجَرَ الْإِمَامُ قَوْمًا عَلَى الْغَزْوِ لَمْ يُسْهَمْ لَهُمْ سِوَى الْأُجْرَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هَذَا فِيمَنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْجِهَادُ أَمَّا الْحُرُّ الْبَالِغُ الْمُسْلِمُ إِذَا حَضَرَ الصَّفَّ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْجِهَادُ فَيُسْهَمُ لَهُ وَلَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً قَوْلُهُ وَقَالَ الْحسن وبن سِيرِينَ يُقْسَمُ لِلْأَجِيرِ مِنَ الْمَغْنَمِ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاق عَنْهُمَا بِلَفْظ يُسهم للاجير وَوَصله بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُمَا بِلَفْظِ الْعَبْدُ وَالْأَجِيرُ إِذَا شَهِدَا الْقِتَالَ أُعْطُوا مِنَ الْغَنِيمَةِ قَوْلُهُ وَأَخَذَ عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ فَرَسًا عَلَى النِّصْفِ إِلَخْ وَهَذَا الصَّنِيعُ جَائِزٌ عِنْدَ مَنْ يُجِيزُ الْمُخَابَرَةَ وَقَالَ بِصِحَّتِهِ هُنَا الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ خِلَافًا لِلثَّلَاثَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مَبَاحِثُ الْمُخَابَرَةِ فِي كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ قَالَ غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ تَبُوكَ الْحَدِيثَ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي الْقِصَاصِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ

[4040] قَوْلُهُ فَاسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا قَالَ الْمُهَلَّبُ اسْتَنْبَطَ الْبُخَارِيُّ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازَ اسْتِئْجَارِ الْحُرِّ فِي الْجِهَادِ وَقَدْ خَاطَبَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خمسه الْآيَةَ فَدَخَلَ الْأَجِيرُ فِي هَذَا الْخِطَابِ قُلْتُ وَقَدْ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ أَوْضَحَ مِنَ الَّذِي هُنَا وَلَفْظُهُ أَذِنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْغَزْوِ وَأَنَا شَيْخٌ لَيْسَ لِي خَادِمٌ فَالْتَمَسْتُ أَجِيرًا يَكْفِينِي وَأُجْرِي لَهُ سَهْمِي فَوَجَدْتُ رَجُلًا فَلَمَّا دَنَا الرَّحِيلُ أَتَانِي فَقَالَ مَا أَدْرَى مَا سَهْمُكَ وَمَا يَبْلُغُ فَسَمِّ لِي شَيْئًا كَانَ السَّهْمُ أَوْ لَمْ يَكُنْ فَسَمَّيْتُ لَهُ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ الْحَدِيثَ وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَهُوَ أَوْثَقُ أَعْمَالِي فِي رِوَايَةِ السَّرَخْسِيِّ أَحْمَالِي بِالْمُهْمَلَةِ وَلِلْمُسْتَمْلِي بِالْجِيمِ وَالَّذِي قَاتَلَ الْأَجِيرُ هُوَ يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ نَفْسُهُ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي بَيْنَ أَثَرِ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ وَحَدِيثِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ بَابُ

الصفحة 125