كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)

قَالَ أَبُو عُمَرَ كَذَا قَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى الْأَنْدَلُسِيُّ وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ جَعَلُوا التَّعْلِيلَ مِنْ كَلَامِهِ وَلَمْ يرفعوه وَأَشَارَ إِلَى أَن بن وَهْبٍ تَفَرَّدَ بِرَفْعِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا قَدَّمْتُهُ من رِوَايَة بن ماجة وَهَذِه الزِّيَادَة رَفعهَا بن إِسْحَاقَ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيّ وبن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ عَنْ نَافِعٍ وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ بِلَفْظِ فَإِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ فَصَحَّ أَنَّهُ مَرْفُوعٌ وَلَيْسَ بِمُدْرَجٍ وَلَعَلَّ مَالِكًا كَانَ يَجْزِمُ بِهِ ثُمَّ صَارَ يَشُكُّ فِي رَفْعِهِ فَجَعَلَهُ مِنْ تَفْسِيرِ نَفسه قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ أَنْ لَا يُسَافَرَ بِالْمُصْحَفِ فِي السَّرَايَا وَالْعَسْكَرِ الصَّغِيرِ الْمَخُوفِ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْكَبِيرِ الْمَأْمُونِ عَلَيْهِ فَمَنَعَ مَالِكٌ أَيْضًا مُطْلَقًا وَفَصَّلَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَدَارَ الشَّافِعِيَّةُ الْكَرَاهَةَ مَعَ الْخَوْفِ وُجُودًا وَعَدَمًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ كَالْمَالِكِيَّةِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى مَنْعِ بَيْعِ الْمُصْحَفِ مِنَ الْكَافِرِ لِوُجُودِ الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِيهِ وَهُوَ التَّمَكُّنُ مِنَ الِاسْتِهَانَةِ بِهِ وَلَا خِلَافَ فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ هَلْ يَصِحُّ لَوْ وَقَعَ وَيُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ أَمْ لَا وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى مَنْعِ تَعَلُّمِ الْكَافِرِ الْقُرْآنَ فَمَنَعَ مَالِكٌ مُطْلَقًا وَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ مُطْلَقًا وَعَنِ الشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ وَفَصَلَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ بَيْنَ الْقَلِيلِ لِأَجْلِ مَصْلَحَةِ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ فَأَجَازَهُ وَبَيْنَ الْكَثِيرِ فَمَنَعَهُ وَيُؤَيِّدُهُ قِصَّةُ هِرَقْلَ حَيْثُ كَتَبَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ الْآيَاتِ وَقَدْ سَبَقَ فِي بَابِ هَلْ يُرْشَدُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا وَقَدْ نَقَلَ النَّوَوِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى جَوَازِ الْكِتَابَةِ إِلَيْهِمْ بِمِثْلِ ذَلِكَ تَنْبِيه ادّعى بن بَطَّالٍ أَنَّ تَرْتِيبَ هَذَا الْبَابِ وَقَعَ فِيهِ غَلَطٌ مِنَ النَّاسِخِ وَأَنَّ الصَّوَابَ أَنْ يُقَدِّمَ حَدِيثَ مَالِكٍ قَبْلَ قَوْلِهِ وَكَذَلِكَ يُرْوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ إِلَخْ قَالَ وَإِنَّمَا احْتَاجَ إِلَى الْمُتَابَعَةِ لِأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ زَادَ فِي الْحَدِيثِ مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ وَلَمْ تَصِحَّ هَذِهِ الزِّيَادَةُ عِنْدَ مَالِكٍ وَلَا عِنْدَ الْبُخَارِيِّ انْتَهَى وَمَا ادَّعَاهُ مِنَ الْغَلَطِ مَرْدُودٌ فَإِنَّهُ اسْتَنَدَ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ شَيْءٌ يُشَارُ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ كَذَلِكَ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ لِأَنَّهُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ كَذَلِكَ إِلَى لَفْظِ التَّرْجَمَةِ كَمَا بَينته مِنْ رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَأَمَّا مَا ادَّعَاهُ مِنْ سَبَبِ الْمُتَابَعَةِ فَلَيْسَ كَمَا قَالَ فَإِنَّ لَفْظَ الْكَرَاهِيَةِ تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ وَمُتَابَعَةُ بن إِسْحَاقَ لَهُ إِنَّمَا هِيَ فِي أَصْلِ الْحَدِيثِ لَكِنَّهُ أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُرْآنِ الْمُصْحَفُ لَا حَامِل الْقُرْآن

(قَوْلُهُ بَابُ التَّكْبِيرِ عِنْدَ الْحَرْبِ)
أَيْ جَوَازُهُ أَوْ مَشْرُوعِيَّتُهُ وَذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ خَيْبَرَ وَفِيهِ

[2991] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْمَغَازِي وَالَّذِي نَادَى بِالنَّهْيِ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ هُوَ أَبُو طَلْحَةَ كَمَا وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَقَوْلُهُ تَابَعَهُ عَلِيٌّ عَنْ سُفْيَانَ يَعْنِي عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ شَيْخَهُ وَسَيَأْتِي فِي عَلَامَات النُّبُوَّة

الصفحة 134