كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)

(ثُمَّ قَالَ بَابُ التَّكْبِيرِ إِذَا عَلَا شَرَفًا)
وَأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ جَابِرٍ الْمَذْكُورَ وَفِيهِ وَإِذَا تَصَوَّبْنَا سَبَّحْنَا أَيِ انْحَدَرْنَا وَالتَّصْوِيبُ النُّزُولُ وَالْفَدْفَدُ بِفَاءَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ بَيْنَهُمَا مُهْمَلَةٌ هِيَ الْأَرَضُ الْغَلِيظَةُ ذَاتُ الْحَصَى وَقِيلَ الْمُسْتَوِيَةُ وَقِيلَ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ الصُّلْبُ وَقَوْلُهُ

[2995] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ زَعَمَ أَبُو مَسْعُودٍ أَن عبد الله هُوَ بن صَالِحٍ وَتَعَقَّبَهُ الْجَيَّانِيُّ بِأَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ بن السَّكَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَسَالم الْمَذْكُور فِي إِسْنَاده هُوَ بن أَبِي الْجَعْدِ وَأَمَّا سَالِمٌ الْمَذْكُورُ فِي الَّذِي بعده فَهُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ من طَرِيق أُخْرَى عَن بن عُمَرَ فِي أَوَاخِرِ الْحَجِّ وَالْغَرَضُ مِنْ حَدِيثِ بن عُمَرَ قَوْلُهُ فِيهِ كُلَّمَا أَوْفَى عَلَى ثَنِيَّةٍ أَوْ فَدْفَدٍ كَبَّرَ ثَلَاثًا قَالَ الْمُهَلَّبُ تَكْبِيرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الِارْتِفَاعِ اسْتِشْعَارً لِكِبْرِيَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعِنْدَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الْعَيْنُ مِنْ عَظِيمِ خَلْقِهِ أَنَّهُ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَتَسْبِيحُهُ فِي بُطُونِ الْأَوْدِيَةِ مُسْتَنْبَطٌ مِنْ قِصَّةِ يُونُسَ فَإِنَّ بِتَسْبِيحِهِ فِي بَطْنِ الْحُوتِ نَجَّاهُ اللَّهُ مِنَ الظُّلُمَاتِ فَسَبَّحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بُطُونِ الْأَوْدِيَةِ لِيُنْجِيَهُ اللَّهُ مِنْهَا وَقِيلَ مُنَاسَبَةُ التَّسْبِيحِ فِي الْأَمَاكِنِ الْمُنْخَفِضَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ التَّسْبِيحَ هُوَ التَّنْزِيهُ فَنَاسَبَ تَنْزِيهَ اللَّهِ عَنْ صِفَاتِ الِانْخِفَاضِ كَمَا نَاسَبَ تَكْبِيرَهُ عِنْدَ الْأَمَاكِنِ الْمُرْتَفِعَةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ جِهَتَيِ الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ مُحَالٌ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُوصَفَ بِالْعُلُوِّ لِأَنَّ وَصْفَهُ بِالْعُلُوِّ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَالْمُسْتَحِيلُ كَوْنُ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْحِسِّ وَلِذَلِكَ وَرَدَ فِي صِفَتِهِ الْعَالِي وَالْعَلِيُّ وَالْمُتَعَالِي وَلَمْ يَرِدْ ضِدُّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْء علما جلّ وَعز

(قَوْلُهُ بَابُ يُكْتَبُ لِلْمُسَافِرِ مَا كَانَ يَعْمَلُ فِي الْإِقَامَةِ)
أَيْ إِذَا كَانَ سَفَرُهُ فِي غير مَعْصِيّة

[2996] قَوْله أخبرنَا الْعَوام هُوَ بن حَوْشَبٍ بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ مُعْجَمَةٍ وَزْنُ جَعْفَرٍ قَوْلُهُ سَمِعت أَبَا بردة هُوَ بن أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ قَوْلُهُ وَاصْطَحَبَ هُوَ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي كَبْشَةَ فِي سَفَرٍ أَيْ مَعَ يَزِيدَ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي كَبْشَةَ هَذَا شَامِيٌّ وَاسْمُ أَبِيهِ حَيْوِيلُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ وَكَسْرِ الْوَاوِ بَعْدهَا تَحْتَانِيَّةٌ أُخْرَى سَاكِنَةٌ ثُمَّ لَامٌ وَهُوَ ثِقَةٌ وَلِيَ خَرَاجَ السِّنْدِ لِسُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمَاتَ فِي خِلَافَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ ذِكْرٌ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ قَوْلُهُ فَكَانَ يَزِيدُ يَصُومُ فِي السَّفَرِ فِي رِوَايَةِ هُشَيْمٍ عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ وَكَانَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي كَبْشَةَ يَصُومُ الدَّهْرَ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ قَوْلُهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ هُشَيْمٍ عَنِ الْعَوَّامِ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ قَوْلُهُ إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ فِي رِوَايَةِ هُشَيْمٍ إِذَا كَانَ الْعَبْدُ يَعْمَلُ عَمَلًا صَالِحًا فَشَغَلَهُ عَنْ ذَلِكَ مَرَضٌ قَوْلُهُ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا هُوَ مِنَ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمَقْلُوبِ فَالْإِقَامَةُ فِي مُقَابِلِ السَّفَرِ وَالصِّحَّةِ فِي مُقَابِلِ الْمَرَضِ وَهُوَ فِي حَقِّ مَنْ كَانَ يَعْمَلُ طَاعَةً فَمُنِعَ مِنْهَا وَكَانَتْ نِيَّتُهُ لَوْلَا الْمَانِعُ أَنْ يَدُومَ عَلَيْهَا كَمَا وَرَدَ ذَلِكَ صَرِيحًا عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ

الصفحة 136