كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)

لِأَنَّ بِرَّهُمَا فَرْضُ عَيْنٍ عَلَيْهِ وَالْجِهَادُ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَإِذَا تَعَيَّنَ الْجِهَادُ فَلَا إِذْنَ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا أخرجه بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ قَالَ الصَّلَاةُ قَالَ ثُمَّ مَهْ قَالَ الْجِهَادُ قَالَ فَإِنَّ لِي وَالِدَيْنِ فَقَالَ آمُرُكَ بِوَالِدَيْكَ خَيْرًا فَقَالَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيًّا لَأُجَاهِدَنَّ وَلأَتْرُكَنَّهُمَا قَالَ فَأَنْتَ أَعْلَمُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى جِهَادِ فَرْضِ الْعَيْنِ تَوْفِيقًا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَهَلْ يُلْحَقُ الْجَدُّ وَالْجَدَّةُ بِالْأَبَوَيْنِ فِي ذَلِكَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ نَعَمْ وَالْأَصَحُّ أَيْضًا أَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَ الْحُرِّ وَالرَّقِيقِ فِي ذَلِكَ لِشُمُولِ طَلَبِ الْبِرِّ فَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ رَقِيقًا فَأَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ لَمْ يُعْتَبَرْ إِذْنُ أَبَوَيْهِ وَلَهُمَا الرُّجُوعُ فِي الْإِذْنِ إِلَّا إِنْ حَضَرَ الصَّفَّ وَكَذَا لَوْ شَرَطَا أَنْ لَا يُقَاتِلَ فَحَضَرَ الصَّفَّ فَلَا أَثَرَ لِلشَّرْطِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى تَحْرِيمِ السَّفَرِ بِغَيْرِ إِذْنِ لِأَنَّ الْجِهَادَ إِذَا مُنِعَ مَعَ فَضِيلَتِهِ فَالسَّفَرُ الْمُبَاحُ أَوْلَى نَعَمْ إِنْ كَانَ سَفَرُهُ لِتَعَلُّمِ فَرْضِ عَيْنٍ حَيْثُ يتَعَيَّن السَّفَرِ طَرِيقًا إِلَيْهِ فَلَا مَنْعَ وَإِنْ كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ فَفِيهِ خِلَافٌ وَفِي الْحَدِيثِ فَضْلُ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَتَعْظِيمُ حَقِّهِمَا وَكَثْرَةُ الثَّوَابِ عَلَى بِرِّهِمَا وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

(قَوْلُهُ بَابُ مَا قِيلَ فِي الْجَرَسِ وَنَحْوِهِ فِي أَعْنَاقِ الْإِبِلِ)
أَيْ مِنَ الْكَرَاهَةِ وَقَيَّدَهُ بِالْإِبِلِ لوُرُود الْخَبَر فِيهَا بِخُصُوصِهَا

[3005] قَوْلُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَيِ بن مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَعَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ هُوَ الْمَازِنِيُّ وَهُوَ وَشَيْخُهُ وَالرَّاوِي عَنْهُ أَنْصَارِيِّونَ مَدَنِيُّونَ وَعَبْدُ اللَّهِ وَعَبَّادٌ تَابِعِيَّانِ قَوْلُهُ أَنَّ أَبَا بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ لَيْسَ لِأَبِي بَشِيرٍ وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ مُعْجَمَةٍ فِي الْبُخَارِيِّ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ فِيمَنْ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ وَقِيلَ اسْمُهُ قَيْسُ بْنُ عَبْدِ الْحُرَيْرِ بِمُهْمَلَاتٍ مصغر بن عَمْرو ذكر ذَلِك بن سَعْدٍ وَسَاقَ نَسَبَهُ إِلَى مَازِنٍ الْأَنْصَارِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ نِسْبَةُ أَبِي بَشِيرٍ سَاعِدِيًّا فَإِنْ كَانَ قَيْسٌ يُكَنَّى أَبَا بَشِيرٍ أَيْضًا فَهُوَ غَيْرُ صَاحِبِ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَبُو بَشِيرٍ الْمَازِنِيُّ هَذَا عَاشَ إِلَى بَعْدِ السِّتِّينَ وَشَهِدَ الْحَرَّةَ وَجُرِحَ بِهَا وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ لَمْ أَقِفْ عَلَى تَعْيِينِهَا قَوْلُهُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ حَسِبْتُ أَنه قَالَ عبد الله هُوَ بن أَبِي بَكْرٍ الرَّاوِي وَكَأَنَّهُ شَكَّ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ وَلَمْ أَرَهَا مِنْ طَرِيقِهِ إِلَّا هَكَذَا قَوْله فَأرْسل قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ فِي رِوَايَةِ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ مَالِكٍ أرسل مَوْلَاهُ زيدا قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَهُوَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فِيمَا يَظْهَرُ لِي قَوْلُهُ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلَادَةٌ مِنْ وَتَرٍ أَوْ قِلَادَةٌ كَذَا هُنَا بِلَفْظِ أَوْ وَهِيَ لِلشَّكِّ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ بِلَفْظِ وَلَا قِلَادَةَ وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَبِهَذَا جَزَمَ الْمُهَلَّبُ وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْقِلَادَةِ فَقَالَ مَا سَمِعْتُ بِكَرَاهَتِهَا إِلَّا فِي الْوَتَرِ وَقَوْلُهُ وتر بِالْمُثَنَّاةِ فِي جَمِيع الرِّوَايَات قَالَ بن الْجَوْزِيِّ رُبَّمَا صَحَّفَ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ بِالْحَدِيثِ فَقَالَ وبر بِالْمُوَحَّدَةِ قلت حكى بن التِّين أَن

الصفحة 141