كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)

(قَوْلُهُ بَابُ فِدَاءِ الْمُشْرِكِينَ)
أَيْ بِمَالٍ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ الْقَوْلُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَأَوْرَدَ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ أَوَّلُهَا حَدِيثُ أَنَسٍ فِي اسْتِئْذَانِ الْأَنْصَارِ أَنْ يَتْرُكُوا لِلْعَبَّاسِ فِدَاءَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ إِيرَادُهُ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ ثَانِيهَا حَدِيثُهُ قَالَ أُتِيَ بِمَالٍ مِنْ الْبَحْرَيْنِ فَقَالَ الْعَبَّاسُ أَعْطِنِي فَإِنِّي فَادَيْتُ نَفْسِي وَعَقِيلًا وَأَوْرَدَهُ مُعَلَّقًا مُخْتَصَرًا وَقَدْ تَقَدَّمَ بِأَتَمَّ مِنْهُ فِي الْمَسَاجِدِ وَبَيَانِ مَنْ وَصله وَقَوله

[3049] فاديت نَفسِي وعقيلا يُرِيد بن أَبِي طَالِبٍ وَيُقَالُ إِنَّهُ أُسِرَ مَعَهُمَا أَيْضًا الْحَارِثُ بْنُ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَنَّ الْعَبَّاسَ افْتَدَاهُ أَيْضًا وَقَدْ ذَكَرَ بن إِسْحَاق كَيْفيَّة ذَلِك وَاسْتدلَّ بِهِ بن بَطَّالٍ عَلَى جَوَازِ إِعْطَاءِ بَعْضِ الْأَصْنَافِ مِنَ الزَّكَاةِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِأَنَّ الْمَالَ لَمْ يَكُنْ مِنَ الزَّكَاةِ وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ مِنْهَا فَالْعَبَّاسُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ فَإِنْ قِيلَ إِنَّمَا أَعْطَاهُ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْكِرْمَانِيُّ فَقَدْ تَعَقَّبَ وَلَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ كَانَ مِنَ الْخَرَاجِ أَوِ الْجِزْيَةِ وَهُمَا مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ ثَالِثُهَا حَدِيثُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ ذَكَرَهُ لِقَوْلِهِ فِيهِ وَكَانَ جَاءَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ أَيْ فِي طَلَبِ فِدَاءِ أُسَارَى بَدْرٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ الْمَتْنِ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الثَّلَاثَةُ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ مِنْ كِتَابِ الْمَغَازِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

(قَوْلُهُ بَابُ الْحَرْبِيِّ إِذَا دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ أَمَانٍ هَلْ يَجُوزُ قَتْلُهُ)
وَهِيَ مِنْ مَسَائِلِ الْخِلَافِ قَالَ مَالِكٌ يَتَخَيَّرُ فِيهِ الْإِمَامُ وَحُكْمُهُ حُكْمُ أَهْلِ الْحَرْبِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ إِنِ ادَّعَى أَنَّهُ رَسُولٌ قُبِلَ مِنْهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَهُوَ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ

[3051] قَوْلُهُ أَبُو الْعُمَيْسِ بِالْمُهْمَلَتَيْنِ مُصَغَّرٌ قَوْلُهُ عَنْ إِيَاسٍ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ التَّحْتَانِيَّةِ وَفِي رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ حَدَّثَنَا إِيَاسٌ قَوْلُهُ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَيْنٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ إِيَاسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي غَزْوَةِ هَوَازِنَ وَسُمِّيَ الْجَاسُوسُ عَيْنًا لِأَنَّ جُلَّ عَمَلِهِ بِعَيْنِهِ أَوْ لِشِدَّةِ اهْتِمَامِهِ بِالرُّؤْيَةِ وَاسْتِغْرَاقِهِ فِيهَا كَأَنَّ جَمِيعَ بَدَنِهِ صَارَ عَيْنًا قَوْلُهُ فَجَلَسَ عِنْدَ أَصْحَابِهِ يَتَحَدَّثُ ثُمَّ انْفَتَلَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ فَلَمَّا طَعِمَ انْسَلَّ وَفِي رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَقَيَّدَ الْجَمَلَ ثُمَّ تَقَدَّمَ يَتَغَدَّى مَعَ

الصفحة 168