كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)

الله هُوَ بن الْمُبَارَكِ وَهَذِهِ رِوَايَةُ أَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ وَلِلْبَاقِينَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بَدَلَ عَبْدِ اللَّهِ وَبِهِ جَزَمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ قَوْلُهُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ تَنْزِلُ غَدًا الْحَدِيثَ ذَكَرَهُ مُخْتَصَرًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابُ تَوْرِيثِ دُورِ مَكَّةَ وَشِرَائِهَا مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ بِتَمَامِهِ وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ هُنَاكَ وَفِيهِ مَا تَرْجَمَ لَهُ هُنَا لَكِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَكَّةَ فُتِحَتْ عَنْوَةً وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهَا فُتِحَتْ صُلْحًا وَسَيَأْتِي تَحْرِيرُ مَبَاحِثِ ذَلِكَ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ مِنْ كِتَابِ الْمَغَازِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَمَّا أَقَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقِيلًا عَلَى تَصَرُّفِهِ فِيمَا كَانَ لِأَخَوَيْهِ عَلِيٍّ وَجَعْفَرٍ وَلِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الدُّورِ وَالرِّبَاعِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يُغَيِّرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ وَلَا انْتَزَعَهَا مِمَّنْ هِيَ فِي يَدِهِ لَمَّا ظَفَرَ كَانَ فِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى تَقْرِيرِ مَنْ بِيَدِهِ دَارٌ أَوْ أَرْضٌ إِذَا أَسْلَمَ وَهِيَ فِي يَدِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْبُخَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنَّ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ بِأَمْوَالِهِمْ وَدُورِهِمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُسْلِمُوا فَتَقْرِيرُ مَنْ أَسْلَمَ يَكُونُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى قَوْلُهُ وَذَلِكَ أَنَّ بَنِي كِنَانَةَ حَالَفَتْ قُرَيْشًا عَلَى بَنِي هَاشِمٍ أَنْ لَا يُبَايِعُوهُمْ وَلَا يُؤْوُوهُمْ هَكَذَا وَقَعَ هَذَا الْقَدْرُ مَعْطُوفًا عَلَى حَدِيثِ أُسَامَةَ وَذَكَرَ الْخَطِيبُ أَنَّ هَذَا مُدْرَجٌ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ وَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَذَلِكَ أَن بن وَهْبٍ رَوَاهُ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَفَصَلَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ فَقَطْ وَرَوَى شُعَيْبٌ وَالنُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ الْحَدِيثَ الثَّانِيَ فَقَطْ لَكِنْ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قُلْتُ أَحَادِيثُ الْجَمِيع عِنْد البُخَارِيّ وَطَرِيق بن وَهْبٍ عِنْدَهُ لِحَدِيثِ أُسَامَةَ فِي الْحَجِّ وَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي التَّوْحِيدِ وَأَخْرَجَهُمَا مُسْلِمٌ مَعًا فِي الْحَج وَقد قدمت فِي الْكَلَام على حَدِيثِ أُسَامَةَ فِي الْحَجِّ مَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ إِدْرَاجٍ أَيْضًا وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ

[3059] قَوْلُهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ اسْتَعْمَلَ مَوْلًى لَهُ يُدْعَى هُنَيًّا بِالنُّونِ مُصَغَّرٌ بِغَيْرِ هَمْزٍ وَقَدْ يُهْمَزُ وَهَذَا الْمَوْلَى لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ فِي الصَّحَابَةِ مَعَ إِدْرَاكِهِ وَقَدْ وَجَدْتُ لَهُ رِوَايَةً عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمْرَ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ عُمَيْرٌ وَشَيْخٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَغَيْرُهُمَا وَشَهِدَ صِفِّينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى عَلِيٍّ لَمَّا قُتِلَ عَمَّارٌ ثُمَّ وَجَدْتُ فِي كِتَابِ مَكَّةَ لِعُمَرَ بْنِ شَبَّةَ أَنَّ آلَ هُنَيٍّ يَنْتَسِبُونَ فِي هَمْدَانَ وَهُمْ مُوَالِي آلِ عُمَرَ انْتَهَى وَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْفُضَلَاءِ النُّبَهَاءِ الْمَوْثُوقِ بِهِمْ لَمَا اسْتَعْمَلَهُ عُمَرُ قَوْله على الْحمى بَين بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ عُمَيْرِ بْنِ هُنَيٍّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ عَلَى حِمَى الرَّبَذَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الشُّرْبِ قَوْلُهُ اضْمُمْ جَنَاحَكَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ أَيِ اكْفُفْ يَدَكَ عَنْ ظُلْمِهِمْ وَفِي رِوَايَةِ مَعْنِ بْنِ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ فِي الْغَرَائِبِ اضْمُمْ جَنَاحَكَ لِلنَّاسِ وَعَلَى هَذَا فَمَعْنَاهُ اسْتُرْهُمْ بِجَنَاحِكَ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الرَّحْمَةِ وَالشَّفَقَةِ قَوْلُهُ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيِّ وَأَبِي نُعَيْمٍ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ قَوْلُهُ وَأَدْخِلْ بِهَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَمُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ وَالصُّرَيْمَةُ بِالْمُهْمَلَةِ مُصَغَّرٌ وَكَذَا الْغُنَيْمَةُ أَيْ صَاحِبَ الْقِطْعَةِ الْقَلِيلَةِ مِنَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَمُتَعَلِّقُ الْإِدْخَالِ مَحْذُوفٌ وَالْمُرَادُ الْمَرْعَى قَوْلُهُ وَإِيَّايَ فِيهِ تَحْذِيرُ الْمُتَكَلِّمِ نَفْسَهُ وَهُوَ شَاذٌّ عِنْدَ النُّحَاةِ كَذَا قِيلَ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الشُّذُوذَ فِي لَفْظِهِ وَإِلَّا فَالْمُرَادُ فِي التَّحْقِيقِ إِنَّمَا هُوَ تَحْذِيرُ الْمُخَاطَبِ وَكَأَنَّهُ بِتَحْذِيرِ نَفْسِهِ حَذَّرَهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَيَكُونُ أَبْلَغَ وَنَحْوُهُ نَهْيُ الْمَرْءِ نَفْسَهُ وَمُرَادُهُ نَهْيُ مَنْ يُخَاطِبُهُ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبا فِي بَاب الْغلُول وَقَوله فِيهِ بن عَوْف هُوَ عبد الرَّحْمَن وبن عَفَّانَ هُوَ عُثْمَانُ وَخَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ عَلَى طَرِيقِ الْمِثَالِ لِكَثْرَةِ نِعَمِهِمَا لِأَنَّهُمَا كَانَا مِنْ مَيَاسِيرِ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ مَنْعَهُمَا الْبَتَّةَ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَسَعِ الْمَرْعَى إِلَّا نَعَمَ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ فَنَعَمُ الْمُقِلِّينَ أَوْلَى فَنَهَاهُ عَنْ إِيثَارِهِمَا عَلَى غَيْرِهِمَا أَوْ تَقْدِيمِهِمَا قَبْلَ غَيْرِهِمَا وَقَدْ بَيَّنَ حِكْمَةَ

الصفحة 176