كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)

(قَوْلُهُ بَابُ كِتَابَةِ الْإِمَامِ النَّاسَ)
أَيْ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ أَوْ غَيْرِهِمْ وَالْمُرَادُ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ كِتَابَتِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِأَمْرِهِ قَوْلُهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ هُوَ الْفِرْيَابِيُّ وَسُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ

[3060] قَوْلُهُ اكْتُبُوا لِي مَنْ تَلَفَّظَ بِالْإِسْلَامِ فِي رِوَايَةِ أَبي مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَحْصُوا بَدَلَ اكْتُبُوا وَهِيَ أَعَمُّ مِنَ اكتبوا وَقد يُفَسر احصوا باكتبوا قَوْلُهُ فَقُلْنَا نَخَافُ هُوَ اسْتِفْهَامُ تَعَجُّبٍ وَحُذِفَتْ مِنْهُ أَدَاةُ الِاسْتِفْهَامِ وَهِيَ مُقَدَّرَةٌ وَزَادَ أَبُو مُعَاوِيَةَ فِي رِوَايَتِهِ فَقَالَ إِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ لَعَلَّكُمْ أَنْ تُبْتَلَوْا وَكَأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ عِنْدَ تَرَقُّبِ مَا يُخَافُ مِنْهُ وَلَعَلَّهُ كَانَ عِنْدَ خُرُوجِهِمْ إِلَى أُحُدٍ أَوْ غَيْرِهَا ثُمَّ رَأَيْتُ فِي شرح بن التِّينِ الْجَزْمَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ عِنْدَ حَفْرِ الْخَنْدَقِ وَحَكَى الدَّاوُدِيُّ احْتِمَالَ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ لَمَّا كَانُوا بِالْحُدَيْبِيَةِ لِأَنَّهُ قَدِ اخْتَلَفَ فِي عَدَدِهِمْ هَلْ كَانُوا أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ أَوْ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي فِي مَكَانِهِ وَأَمَّا قَوْلُ حُذَيْفَةَ فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا ابْتُلِينَا إِلَخْ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا وَقَعَ فِي أَوَاخِرِ خِلَافَةِ عُثْمَانَ مِنْ وِلَايَةِ بَعْضِ أُمَرَاءِ الْكُوفَةِ كَالْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ حَيْثُ كَانَ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ أَوْ لَا يُقِيمُهَا عَلَى وَجْهِهَا وَكَانَ بَعْضُ الْوَرِعِينَ يُصَلِّي وَحْدَهُ سِرًّا ثُمَّ يُصَلِّي مَعَهُ خَشْيَةً مِنْ وُقُوعِ الْفِتْنَةِ وَقِيلَ كَانَ ذَلِكَ حِينَ أَتَمَّ عُثْمَانُ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقْصُرُ سِرًّا وَحْدَهُ خَشْيَةَ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ وَوَهِمَ مَنْ قَالَ إِنَّ ذَلِكَ كَانَ أَيَّامَ قَتْلِ عُثْمَانَ لِأَنَّ حُذَيْفَةَ لَمْ يَحْضُرْ ذَلِكَ وَفِي ذَلِكَ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ مِنَ الْإِخْبَارِ بِالشَّيْءِ قَبْلَ وُقُوعِهِ وَقَدْ وَقَعَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ حُذَيْفَةَ فِي زَمَنِ الْحَجَّاجِ وَغَيْرِهِ قَوْلُهُ حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ فَوَجَدْنَاهُمْ خَمْسَمِائَةٍ يَعْنِي أَنَّ أَبَا حَمْزَةَ خَالَفَ الثَّوْرَيَّ عَنِ الْأَعْمَشِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِهَذَا السَّنَدِ فَقَالَ خَمْسَمِائَةٍ وَلَمْ يَذْكُرِ الْأَلْفَ قَوْلُهُ قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ مَا بَيْنَ سِتِّمِائَةٍ إِلَى سَبْعِمِائَةٍ أَيْ أَنَّ أَبَا مُعَاوِيَةَ خَالَفَ الثَّوْرَيَّ أَيْضًا عَنِ الْأَعْمَشِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي الْعِدَّةِ وَطَرِيقُ أَبِي مُعَاوِيَةَ هَذِهِ وَصَلَهَا مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ وَكَأَنَّ رِوَايَةَ الثَّوْرِيِّ رَجَحَتْ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فَلِذَلِكَ اعْتَمَدَهَا لِكَوْنِهِ أَحْفَظَهُمْ مُطْلَقًا وَزَادَ عَلَيْهِمْ وَزِيَادَةُ الثِّقَةِ الْحَافِظِ مُقَدَّمَةٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَإِنْ كَانَ أَحْفَظَ أَصْحَابِ الْأَعْمَشِ بِخُصُوصِهِ وَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ مُسْلِمٌ عَلَى رِوَايَتِهِ لَكِنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِالْعَدَدِ فَقَدَّمَ الْبُخَارِيُّ رِوَايَةَ الثَّوْرِيِّ لِزِيَادَتِهَا بِالنِّسْبَةِ لِرِوَايَةِ الِاثْنَيْنِ وَلِجَزْمِهَا بِالنِّسْبَةِ لِرِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْأُمَوِيَّ وَأَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ وَافَقَا أَبَا حَمْزَةَ فِي قَوْلِهِ خَمْسَمِائَةٍ فَتَتَعَارَضُ الْأَكْثَرِيَّةُ وَالْأَحْفَظِيَّةُ فَلَا يَخْفَى بَعْدَ ذَلِكَ التَّرْجِيحُ بِالزِّيَادَةِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ رُجْحَانُ نَظَرِ الْبُخَارِيِّ عَلَى غَيْرِهِ وَسَلَكَ الدَّاوُدِيُّ الشَّارِحُ طَرِيقَ الْجَمْعِ فَقَالَ لَعَلَّهُمْ كُتِبُوا مَرَّاتٍ فِي مَوَاطِنَ وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَلْفِ وَخَمْسِمِائَةٍ جَمِيعُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَعَبْدٍ وَصَبِيٍّ وَبِمَا بَيْنَ السِّتِّمِائَةِ إِلَى السَّبْعِمِائَةِ الرِّجَالَ خَاصَّةً وَبِالْخَمْسِمِائَةِ الْمُقَاتِلَةَ خَاصَّةً وَهُوَ

الصفحة 178