كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)

الْبَلَاذُرِيُّ أَنَّهُ مَاتَ فِي الرِّقِّ أَوِ اخْتُلِفَ فِي ضَبْطِهِ فَذَكَرَ عِيَاضٌ أَنَّهُ يُقَالُ بِفَتْحِ الْكَافَيْنِ وَبِكَسْرِهِمَا وَقَالَ النَّوَوِيُّ إِنَّمَا اخْتُلِفَ فِي كَافِهِ الْأُولَى وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَمَكْسُورَةٌ اتِّفَاقًا وَقَدْ أَشَارَ الْبُخَارِيُّ إِلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي آخر الحَدِيث قَالَ بن سَلَامٍ كَرْكَرَةُ وَأَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّ شَيْخَهُ مُحَمَّدَ بن سَلام رَوَاهُ عَن بن عُيَيْنَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِفَتْحِ الْكَافِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصِيلِيُّ فِي رِوَايَتِهِ فَقَالَ يَعْنِي بِفَتْحِ الْكَافِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ عِيَاضٌ هُوَ لِلْأَكْثَرِ بِالْفَتْحِ فِي رِوَايَة عَليّ وبالكسر فِي رِوَايَة بن سَلَامٍ وَعِنْدَ الْأَصِيلِيِّ بِالْكَسْرِ فِي الْأَوَّلِ وَقَالَ الْقَابِسِيُّ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْمَرْوَزِيِّ فِيهِ ضَبْطٌ إِلَّا أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ الْأَوَّلَ خِلَافُ الثَّانِي وَفِي الْحَدِيثِ تَحْرِيمُ قَلِيلِ الْغُلُولِ وَكَثِيرِهِ وَقَوْلُهُ هُوَ فِي النَّارِ أَيْ يُعَذَّبُ عَلَى مَعْصِيَتِهِ أَوِ الْمُرَادُ هُوَ فِي النَّارِ إِنْ لَمْ يعف الله عَنهُ

(قَوْلُهُ بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ ذَبْحِ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ فِي الْمَغَانِمِ)
ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فِي ذَبْحِهِمُ الْإِبِلَ الَّتِي أَصَابُوهَا لِأَجْلِ الْجُوعِ وَنَصَبِهِمْ وَأَمْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِكْفَاءِ الْقُدُورِ وَفِيهِ قِصَّةُ الْبَعِيرِ الَّذِي نَدَّ وَفِيهِ السُّؤَالُ عَنِ الذَّبْحِ بِالْقَصَبِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى شَرْحِهِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الذَّبَائِحِ وَقَدْ مَضَى فِي الشَّرِكَةِ وَغَيْرِهَا وَمَوْضِعُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ أَمْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِكْفَاءِ الْقُدُورِ فَإِنَّهُ مُشْعِرٌ بِكَرَاهَةِ مَا صَنَعُوا مِنَ الذَّبْحِ بِغَيْرِ إِذْنٍ وَقَالَ الْمُهَلَّبُ إِنَّمَا أَكْفَأَ الْقُدُورَ لِيُعْلِمَ أَنَّ الْغَنِيمَةَ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّونَهَا بَعْدَ قِسْمَتِهِ لَهَا وَذَلِكَ أَنَّ الْقِصَّةَ وَقَعَتْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لِقَوْلِهِ فِيهَا بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَأجَاب بن الْمُنِيرِ بِأَنَّهُ قَدْ قِيلَ إِنَّ الذَّبْحَ إِذَا كَانَ عَلَى طَرِيقِ التَّعَدِّي كَانَ الْمَذْبُوحُ مَيْتَةً وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ انْتَصَرَ لِهَذَا الْمَذْهَبِ أَوْ حَمَلَ الْإِكْفَاءَ عَلَى الْعُقُوبَةِ بِالْمَالِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ لَا يَخْتَصُّ بِأُولَئِكَ الَّذِينَ ذَبَحُوا لَكِنْ لَمَّا تَعَلَّقَ بِهِ طَمَعُهُمْ كَانَتِ النِّكَايَةُ حَاصِلَةً لَهُمْ قَالَ وَإِذَا جَوَّزْنَا هَذَا النَّوْعَ مِنَ الْعُقُوبَةِ فَعُقُوبَةُ صَاحِبِ الْمَالِ فِي مَالِهِ أَوْلَى وَمِنْ ثَمَّ قَالَ مَالِكٌ يُرَاقُ اللَّبَنُ الْمَغْشُوشُ وَلَا يُتْرَكُ لِصَاحِبِهِ وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ بِغَيْرِ الْبَيْعِ أَدَبًا لَهُ انْتَهَى وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ الْمَأْمُورُ بِإِكْفَائِهِ إِنَّمَا هُوَ الْمَرَقُ عُقُوبَةً لِلَّذِينِ تَعَجَّلُوا وَأَمَّا نَفْسُ اللَّحْمِ فَلَمْ يَتْلَفْ بَلْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ جُمِعَ وَرُدَّ إِلَى الْمَغَانِمِ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ تَقَدَّمَ وَالْجِنَايَةُ بِطَبْخِهِ لَمْ تَقَعْ مِنَ الْجَمِيعِ إِذْ مِنْ جُمْلَتِهِمْ أَصْحَابُ الْخُمُسِ وَمِنَ الْغَانِمِينَ مَنْ لَمْ يُبَاشِرْ ذَلِكَ وَإِذَا لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُمْ أَحْرَقُوهُ وَأَتْلَفُوهُ تَعَيَّنَ تَأْوِيلُهُ عَلَى وَفْقِ الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّة وَلِهَذَا

الصفحة 188