كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 6)

(قَوْلُهُ بَابُ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ)
أَيْ فَتْحِ مَكَّةَ أَوِ الْمُرَادُ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ حُكْمَ غَيْرِ مَكَّةَ فِي ذَلِكَ حُكْمُهَا فَلَا تَجِبُ الْهِجْرَةُ مِنْ بَلَدٍ قَدْ فَتَحَهُ الْمُسْلِمُونَ أَمَّا قَبْلَ فَتْحِ الْبَلَدِ فَمَنْ بِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَحَدُ ثَلَاثَةٍ الْأَوَّلُ قَادِرٌ عَلَى الْهِجْرَةِ مِنْهَا لَا يُمْكِنُهُ إِظْهَارُ دِينِهِ وَلَا أَدَاءُ وَاجِبَاتِهِ فَالْهِجْرَةُ مِنْهُ وَاجِبَةٌ الثَّانِي قَادِرٌ لَكِنَّهُ يُمْكِنُهُ إِظْهَارُ دِينِهِ وَأَدَاءُ وَاجِبَاتِهِ فَمُسْتَحَبَّةٌ لِتَكْثِيرِ الْمُسْلِمِينَ بِهَا وَمَعُونَتِهِمْ وَجِهَادِ الْكُفَّارِ وَالْأَمْنِ مِنْ غَدْرِهِمْ وَالرَّاحَةِ مِنْ رُؤْيَةِ الْمُنْكَرِ بَيْنَهُمْ الثَّالِثُ عَاجِزٌ يُعْذَرُ مِنْ أَسْرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَتَجُوزُ لَهُ الْإِقَامَةُ فَإِنْ حَمَلَ عَلَى نَفْسِهِ وَتَكَلَّفَ الْخُرُوجَ مِنْهَا أُجِرَ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي البَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا حَدِيثُ بن عَبَّاسٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ وُجُوبِ النَّفِيرِ فِي أَوَائِلِ الْجِهَادِ الثَّانِي حَدِيثُ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْبَيْعَةِ فِي الْحَرْبِ الثَّالِثُ حَدِيثُ عَائِشَةَ انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ مُنْذُ فَتَحَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ مَكَّةَ وَسَيَأْتِي بِأَتَمِّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ فِي بَابِ الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَة أول الْمَغَازِي

الصفحة 190